المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٤
لم يرد به قطع الحرير. قال (وكل شئ ينقطع من أيدي الناس فلا خير في السلم فيه) وهذه المسألة على أربعة أوجه (أحدها) أن يكون المسلم فيه موجودا عند العقد منقطعا عن أيدي الناس عند حلول الأجل فلهذا لا يجوز بالاتفاق لان السلم إليه بالعقد يلتزم التسليم عند حلول الأجل فإذا لم يكن مقدور التسليم عند ذلك لا يجوز العقد (الثاني) أن يكون منقطعا وقت العقد موجودا في أيدي الناس عند حلول الأجل فهذا لا يجوز عندنا ويجوز عند الشافعي (الثالث) أن يكون موجودا عند العقد وعند حلول الأجل ولكنه ينقطع عن أيدي الناس فيما بين ذلك فهذا لا يجوز عندنا وعلى قول مالك والشافعي رحمهما الله (الرابع) أن يكون موجودا من وقت العقد إلى وقت المحل على وجه لا ينقطع فيما بين ذلك فيكون العقد صحيحا بالاتفاق وحجتهم في ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فوجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين وربما قال ثلاث سنين فقال من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ومعلوم أن الثمار الرطبة لا تبقى إلى هذه المدة الطويلة ومع هذا قرهم علي السلم فيها والمعنى فيه وهو ان المسلم فيه معلوم مقدور التسلم عند وجوب التسليم فيجوز العقد كما لو كان موجودا من وقت العقد إلى وقت المحل وبيان الوصف أن وجوب التسليم بحكم العقد عند حلول الأجل وعند ذلك هو موجود في العالم والقدرة على تسليم الدين بوجود جنسه في العالم ولا معنى لقول من يقول من الجائز أن يموت المسلم إليه عقيب العقد فيحل الاجل لان هذا موهوم ولا يبنى العقد على الموهومات الا ترى أن اعتبار هذا الموهوم يؤدى إلى الحلول أو جهالة الاجل وذلك مبطل لعقد السلم وإن كان موجودا في الحال فدل أنه لا يعتبر ذلك وكذلك أن كان ينقطع فيما وراء ذلك المحل يجوز العقد وإن كان يتوهم أن يتأخر التسليم إلى أن ينقطع وليس هذا نظير ما لو عين مكيالا أو قيما تخالف ما بين الناس لان بطلان العقد ليس باعتبار هلاك ما عينه بل باعتبار جهالة قدر المسلم فيه كتعيين المسلم فيه لا لأنه يتوهم أو يصيب ثمار تلك النخلة آفة والدليل أن وجود السلم فيه في مكان العقد ليس بشرط بجواز العقد فكذلك في زمان العقد لا التسليم لا يتأتى الا بمكان أو زمان فكل يسقط اعتبار وجوده في مكان العقد فكذلك في زمان العقد وحجتنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لا تسلفوا في الثمار حتى يبدو صلاحها وفى الحديث المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ولم يرد به النهى عن بيعها سلما والمعنى فيه أن قدرة العاقد
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست