فيما هو حق العباد قال الله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ففي الجزية أولى وهذا لان الجزية صلة مالية وليست بدين واجب ألا ترى أنها سميت خراجا في الشرع والخراج اسم لما هو صلة قال الله تعالى فهل نجعل لك خرجا أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير والصلة المالية لا تكون الا ممن يجد للمال فأما من لا يجد يعان بالمال فكيف يؤخذ منه ولإخراج علي رؤس المماليك لأنه خلف عن النصرة والمملوك لا يملك نصرة القتال في نفسه ان لو كان مسلما فلا يلزمه ما هو خلف عن النصرة ثم هو أعسر من الحر الذي لا يجد شيئا لأنه ليس من أهل الملك أصلا ثم المملوك في السكنى تبع لمولاه ولإخراج في الاتباع كالنساء والصبيان ولا صدقة في أموال أهل الذمة من السوائم ومال التجارة في أوطانهم لان الامام في الباب عمر رضي الله عنه وهو لم يتعرض لأموالهم في ذلك بشئ لا أن يمروا على العاشر فقد بينا ذلك في الزكاة وكان المعنى فيه أن الاخذ من أموال المسلمين بطريق العبادة المحضة دون المؤنة فان الشرع جعل الزكاة أحد أركان الدين والكافر ليس بأهل لذلك بخلاف الخراج والعشر فالأخذ من المسلم بطريق مؤنة الأرض ولهذا جاز أخذه من الكافر ولكن يؤخذ من الكافر ما هو أبعد عن معنى العبادة وأقرب إلى معني الصغار وهو الخراج ومن أسلم من أهل الذمة قبل استكمال السنة أو بعدها قبل أن يؤخذ منه خراج رأسه سقط عنه ذلك عندنا وقال الشافعي ان أسلم بعد كمال السنة لم يسقط عنه وان أسلم قبل كمال السنة فله فيه وجهان وحجته في ذلك أنه دين استقر وجوبه في ذمته فلا يسقط عنه باسلامه كسائر الديون وبيان الوصف وهو انه مطالب بأدائه مجبر على ذلك محبوس فيه كسائر الديون أو أقوى حتى إذا بعث بالجزية على يد نائبه لا تقبل بخلاف سائر الديون وبان كأن لا تجب ابتداء على المسلم فهذا لا يمنع بقاءه عليه بعد الاسلام كخراج الأراضي فالمسلم لا يبتدأ بتوظيف الخراج على الأرض ثم يبقي وكذلك الرق لا يبتدأ به المسلم ثم يبقى رقيقا بعد الاسلام وكذلك الفقير لا تجب عليه الزكاة ابتداء ثم تبقى إذا استهلك النصاب بعد الوجوب عليه وهذا لأنه مؤنة السكني فالاسلام لا ينافي استيفاءه كالاجرة وإنما لا يوجب عليه بعد الاسلام ابتداء لأنه صار من أهل دار الاسلام أصلا وهذا بدل حقن الدم بمنزلة المال الواجب بالصلح عن القصاص فالاسلام لا يمنع استيفاءه إذا حصل له الحقن به فيما مضى ولكن لا يجب بعد الاسلام ابتداء لأنه حقن دمه بالاسلام (وحجتنا) في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلي
(٨٠)