إلى دار الحرب بحال وحديث معاذ رضي الله عنه في مال كان وقع الصلح عليه دون الجزية ألا ترى أنه أمر بالأخذ من النساء والجزية لا تجب على النساء واما خراج الأرض فالأصل فيه حديث عمر رضي الله عنه فإنه وضع على كل أرض تصلح للزرع على الجريب درهما وقفيزا وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم واعتمد في ما صنع السنة أيضا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال منعت العراق قفيزها ودرهمها فيما ذكر من أشراط الساعة بعده ثم تفاوت الواجب بتفاوت ريع الأراضي ولان أصل الوجوب باعتبار الريع فان الخراج مؤنة الأرض النامية فيتفاوت بتفاوت الريع وقد روى أنه بعث لذلك عثمان بن حنيف وحذيفة ابن اليمان رضي الله عنهما فلما رجعا إليه قال لعلكما حملتما الأرض مالا تطيق فقالا لا بل حملناها ما تطيق ولو زدنا لأطاقت وبظاهر هذا الحديث يستدل أبو يوسف رضي الله عنه ويقول لا تجوز الزيادة على وظيفة عمر رضي الله عنه وان كانت الأرض تطيق الزيادة لأنهما قالا لو زدنا لأطاقت فلم يأمرهما بالزيادة ومحمد رحمهما الله تعالى يقول إنه فيما وظف اعتبر الطاقة حيث قال لعلكما حملتما الأرض مالا تطيق فإذا كانت تطيق الزيادة يزاد بقدر الطاقة ألا تري انها إذا كانت لا تطيق تلك الوظيفة لقلة ريعها تنقص فكذلك إذا كانت تطيق الزيادة لكثرة ريعها يزاد وقد قررنا هذا في شرح الزيادات ثم في خراج الأراضي الرجال والنساء والصبيان سواء لأنها مؤنة الأراضي النامية وهم في حصول النماء لهم سواء فأما خراج الرؤس لا يؤخذ من النساء والصبيان لما بينا أنه خلف عن النصرة التي فاتت باصرارهم علي الكفر ونصرة القتال لو كانوا مسلمين على الرجال دون النساء والصبيان ولان في حقهم الوجوب بطريق العقوبة كالقتل وإنما يقتل الرجال منهم دون النساء والصبيان حين كانوا حربيين فكذلك حكم الجزية بعد عقد الذمة ولئن كان مؤنة السكني فالنساء والصبيان في السكنى تبع وأجرة السكنى على من هو الأصل دون التبع ولكن الأول أصح فإنه لا تؤخذ الجزية من الأعمى والشيخ الفاني والمعتوه والمقعد مع أنهم في السكني أصل ولكن لا يلزمه أصل النصرة ببدنه لو كان مسلما فكذلك لا يؤخذ منه ما هو خلف عن النصرة وعن أبي يوسف ان الأعمى والمقعد إذا كان صاحب مال ورأي يؤخذ منه لأنه يقاتل برأيه وان كأن لا يقاتل ببدنه لو كان مسلما وعجزه لنقصان في بدنه ولا نقصان في ماله فيؤخذ منه ما هو خلف عن النصرة والفقير الذي لا يستطيع أن يعمل لا تؤخذ منه الجزية لان الجزية مال يؤخذ منه ولا مال له والعاجز عن الأداء معذور شرعا
(٧٩)