المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٤
ما قلنا حديث أم هانئ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سهم ذوي القربى لهم في حياتي وليس لهم بعد وفاتي والحديث وإن كان شاذا فقد تأكد باجماع الخلفاء الراشدين على العمل به وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال كان يحمل من الخمس في سبيل الله تعالى ويعطي منه نائبة القوم فلما كثر المال جعل في غير ذلك وإنما أراد به ما كان يصرف من الخمس إلى ذوي القربى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكر بعد هذا عن الضحاك ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه استشار المسلمين في سهم ذوي القربى فرأوا ان يجعل في الخيل والسلاح وفي هذا بيان انهم كانوا مجمعين على أنه لا استحقاق لهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان استحقاقهم في حياته كان للنصرة ألا ترى أنهم جعلوا مصرفة آلة النصرة وهي الخيل والسلاح وقوله ويعطى منه نائبة القوم قيل المراد بالقوم ذوي القربى كما قال في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عرض علينا عمر رضي الله عنه ان يزوج منه أيمنا ويقضى منه عن مغرمنا وقيل المراد بالقوم الغزاة أي يعطى منه ما يحتاج إليه الغزاة في سبيل الله تعالى ومعلوم أن الصرف إلى المستحق المحتاج أولى من الصرف إلى محتاج غير مستحق وقوله فلما كثر المال جعل في غير ذلك تعرض لبعض من كأن لا يصرفه إلى مصرفه في وقته يعنى كثرة الاجماع فيه فمع كثرة المال لا يصل إلى المصرف الذي كان يصل إليه عند قلة المال وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن رجلا وجد بعيرا في المغنم قد كان المشركون أصابوه قبل ذلك فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن وجدته قبل القسمة فهو لك وان وجدته بعد القسمة أخذته بالثمن إن شئت وفى رواية أخرى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن المشركين أحرزوا ناقة لرجل من المسلمين بدارهم فاشتراها رجل منهم وأخرجها فخاصم فيها مالكها فقال صلى الله عليه وسلم إن شئت أخذتها بالثمن وفي الحديثين حجة لنا أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالاحراز لأنهم لو لم يملكوا لرده رسول الله صلى الله عليه وسلم على المالك مجانا بكل حال فان المسلمين إنما يملكون على الكفار مالهم لا مال المسلم وكذلك المشترى إنما يملك على البائع ماله إلا أنه جعل له حق الاخذ قبل القسمة بغير شئ وبعد القسمة بالقيمة لان المستولي عليه صار مظلوما وعلى من يذب عن دار الاسلام القيام بنصرته ودفع الظلم عنه وذلك بإعادة ماله إليه وقبل القسمة لم يتعين الملك فيه لاحد بل هو باق على حق الغزاة فكان عليهم الرد ليندفع به الظلم عن صاحبه وبعد القسمة قد تعين الملك لمن وقع في
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست