على قبرها وسأله طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن يضرب له بسهم وكان غائبا بالشام فرافق قدومه قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له بسهم قال وأجري يا رسول الله قال وأجرك وتكلموا في ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما بالسهم ولم يشهدا بدرا فذكر الواقدي رحمه الله تعالى أنه ضرب لثمانية نفر ممن لم يشهدوا بدرا بالسهم فقيل إنما ضرب لعثمان رضى الله تعالى عنه لان تخلفه كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمرض ابنته وكانت تحته وكان في ذلك فراغ قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحق هو بمن شهد بدرا ألا ترى أنه وعدله الاجر وطلحة كان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتجسس خبر العير فكان مشغولا بعمل المسلمين فجعله كمن شهد بدرا وقيل بل كان أسهم لهما لأنهما كالمدد أما طلحة فقد كان في دار الحرب عازما على اللحوق بالمسلمين وعثمان رضي الله عنه وإن كان بالمدينة فالمدينة إنما كان لها حكم دار الاسلام في ذلك الوقت حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين فيها فأما بعد خروجهم فقد كانت الغلبة فيها لليهود والمنافقين وهو دليل لنا على أن المدد إذا لحق الجيش في دار الحرب شركهم في الغنيمة وإن لم يشهد الوقعة وقيل إنما أسهم لهما لان الامر في غنائم بدر كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى من يشاء ويمنع من يشاء اما لأنها أصيبت بمنعة السماء أو لأنها كثرت المنازعة بينهم فيها على ما روى عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ساءت أخلاقنا يوم بدر فحرمنا ثم بين ذلك فقال كنا ثلاث فرق فرقة كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرقة جمعوا الغنائم وفرقة اتبعوا المنهزمين فجعلت كل فرقة نقول الغنيمة لنا فارتفعت أصواتنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت فأنزل الله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فتبين أن الامر كان في غنائم بدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهذا أعطى من أعطى ممن لم يحضر وذكر عن محمد بن إسحاق والكلبي رحمهما الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين منصرفه من الطائف بالجعرانة وفي هذا دليل أنها لا تقسم في دار الحرب فإنه أخر القسمة حتى أنتهي إلى الجعرانة وكانت حدود دار الاسلام في ذلك الوقت لان فتح حنين كان بعد فتح مكة والجعرانة من نواحي مكة وقد روي أن الاعراب طالبوه بالقسمة وأحاطوا به يقولون أقسم بيننا ما أفاء الله تعالى علينا حتى ألجؤوه إلى سمرة وجذب بعضهم رداءه فتخرق فقال اتركوا لي ردائي فلو كانت هذه العضاء
(١٨)