المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٢
كفالة أو اقرار منهما بمال فيؤخذان به بعد العتق وان اشتراهم بغير أمرهم لم يملكهم لان البائع يكن مالكا لهم فكذلك المشترى لا يملكهم وبطل ماله لأنه متبرع فيما فدى به غير مجبر على ذلك شرعا ولا مأمور به من جهة من حصلت له المنفعة فلا يرجع عليه بشئ كما لو أنفق على عيال رجل بغير أمره ولو أن رجلا حرا أمر رجلا ان يشترى حرا من دار الحرب بعينه بمال سماه فاشتراه لم يكن له على الحر الذي اشتراه من ذلك شئ لأنه لم يأمره بما فعل وكان للمأمور ان يرجع على الذي أمره إن كان ضمن له الثمن أو قال اشتره لي لأنه استعمله وضمن له ما يؤدي من مال نفسه وإن كان قال له اشتره لنفسه واحتسب فيه لم يرجع عليه بشئ لأنه أشار عليه بما هو تبرع واحسان ولم يستعمله ولا ضمن له شيئا والرجوع عليه بهذا الطريق يكون وإذا اشترى من المشركين عبدا كانوا أسروه من المسلمين فرهنه المشترى ثم جاء مولاه الأول لم يكن له عليه سبيل حتى يفتكه الراهن لان الراهن بعقد الرهن أوجب الحق للمرتهن في ماليته وصح ذلك منه بمصادفة تصرفه ملكه ولا يتمكن المولى من أخذه من المرتهن لأنه ليس بمالك له ولا من الراهن قبل الفكاك لقصور يده عنه بحق المرتهن فان أراد أن يتطوع بأداء الدين ثم يعطى الراهن الثمن فذلك له لأنه أوصل إلى المرتهن حقه وهو متطوع في الدين الذي أدى لأنه متبرع بقضاء الدين عن الغير ولأنه فادى ملك الغير وهذا بخلاف البائع فإنه قبل التسليم هو بمنزلة المالك يدا وإنما فادى حقا له يوضحه ان هناك لا طريق له في التواصل إلى احياء حقه الا بما أدى من الفداء فلا يجعل متبرعا فيه وههنا للمولى القديم طريق إلى ذلك بدون قضاء الدين وهو ان يصبر حتى يفتك الراهن فيأخذه حينئذ (قال) ولا يجبر الراهن على افتكاكه لان الاحياء لحق ثابت في العين في الحال ولاحق للمولى القديم في الاخذ ما لم يسقط حق المرتهن فلهذا لا يجبر على افتكاكه ولو كان أجره المشترى إجارة كأن لمولاه أن يأخذه بالثمن ويبطل الإجارة فيما بقي لان الإجارة عقد ضعيف ينقض بالعذر ألا ترى أنها تنقض بالرد بسبب فساد البيع والرد بالعيب بخلاف الرهن فكذلك تنقض بالرد على المالك القديم بالثمن بخلاف الرهن وإذا غلب قوم من أهل الحرب على قوم آخرين من أهل الحرب فاتخذوهم عبيد للملك ثم إن الملك وأهل أرضه أسلموا أو صاروا ذمة فأولئك المغلوبون عبيد له يصنع بهم ما شاء لما بينا أنهم نهبة فالمقهورون منهم صاروا مملوكين للقاهر باحرازه إياهم بمنعته لان قهره بالذين هم جنده
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست