على الموضع الذي كان مكشوفا منه فلما دخل عثمان رضي الله عنه لم يبق الا موضع لو جلس فيه وقع بصره على ركبته فلهذا غطاه فأما الآية فالمراد بالسوأة العورة الغليظة وبه نقول إن العورة الغليظة هي السوأة ولكن حكم العورة ثبت فيما حول السوأتين باعتبار القرب من موضع العورة فيكون حكم العورة فيه أخف فأما الركبة فهي من العورة عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليست من العورة لحديث أنس رضي الله عنه ما أبدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبته بين يدي جليس قط وإنما قصد بهذا ذكر الشمائل فلو كانت الركبة من العورة لم يكن هذا من جملة الشمائل لان ستر العورة فرض ولأنه حد العورة فلا يكون من العورة كالسرة وهذا لان الحد لا يدخل في المحدود (وحجتنا) في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الركبة من العورة وما ذكر في حديث عمرو بن شعيب حتى تجاوز الركبة دليل على أن الركبة من العورة ولان الركبة ملتقي عظم الساق والفخذ وعظم الفخذ عورة وعظم الساق ليس بعورة فقد اجتمع في الركبة المعنى الموجب لكونها عورة وكونها غير عورة فترجح الموجب لكونها عورة احتياطا قال صلى الله عليه وسلم ما اجتمع الحلال والحرام في شئ الا غلب الحرام الحلال فأما حديث أنس رضي الله عنه فالمروي ما مد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجليه بين يدي جليس قط وهذا من الشمائل وابداء الركبة على ما ذكر في بعض الروايات كناية عن هذا المعنى أيضا ثم حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ لتعارض المعنيين فيه ولهذا قلنا من رأى غيره مكشوف الركبة عليه برفق ولا ينازع عليه ان لج وان رآه مكشوف الفخذ أنكر عليه بعنف ولا يضربه ان لج وان رآه مكشوف العورة أمره بسترها وأدبه على ذلك أن لج وما يباح إليه النظر من الرجل فكذلك المس لان ما ليس بعورة يجوز مسه كما يجوز النظر إليه فأما نظر المرأة إلى المرأة فهو كنظر الرجل إلى الرجل باعتبار المجانسة ألا ترى أن المرأة تغسل المرأة بعد موتها كما يغسل الرجل الرجل وقد قال بعض الناس نظر المرأة إلي المرأة كنظر الرجل إلى ذوات محارمه حتى لا يباح لها النظر إلى ظهرها وبطنها لحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء من دخول الحمامات بمئزر وبغير مئزر وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول امنعوا النساء من دخول الحمامات الا مريضة أو نفساء ولتدخل مستترة ولكنا نقول المراد منع النساء من الخروج وبالقرار في البيوت وبه نقول والعرف الظاهر
(١٤٧)