رحمهم الله تعالى الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لكان الكلام متناولا له فيكون بمنزلة دليل الخصوص في العموم وفى ذلك لا فرق بين الأقل والأكثر وبأن لم تتكلم به العرب لا يمنع صحته إذا كان موافقا لمذهبهم كاستثناء الكسور ولم يذكر في الكتاب ما إذا قال أنت طالق ثلاثا الا نصف تطليقة كم يقع وقيل على قول أبى يوسف رحمه الله تعالى تطلق اثنتين لان التطليقة كما لا تتجزأ في الايقاع لا تتجزأ في الاستثناء فكأنه قال الا واحدة وعند محمد رحمه الله تعالى تطلق ثلاثا لان في الايقاع إنما لا يتجزأ لمعنى في الموقع وذلك لا يوجد في الاستثناء فيتجزأ فيه وإذا كان المستثنى نصف تطليقة صار كلامه عبارة عن تطليقتين ونصف فيكون ثلاثا (قال) وإذا قال أنت طالق ثلاثا لا ثلاثا تطلق ثلاثا لأنه استثني جميع ما تكلم به وهذا الاستثناء باطل فإنه إن جعل عبارة عما وراء المستثنى لا يبقى بعد استثناء الكل شئ ليكون كلامه عبارة عنه وان جعل بمنزلة دليل الخصوص فذلك لا يعم الكل لأنه حينئذ يكون نسخا لا تخصيصا وظن بعض أصحابنا ومشايخنا رحمهم الله تعالى أن استثناء الكل رجوع والرجوع عن الكل باطل وهذا وهم فقد بطل استثناء الكل في الوصية أيضا وهو يحتمل الرجوع فدل ان الطريق ما قلنا (قال) وان قال لها وقد دخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق الا واحدة تطلق ثلاثا من قبل أنه فرق الكلام فيكون هو مستثنيا جميع ما تكلم به في آخر كلماته وهو باطل وكذلك لو ذكره مع حرف العطف ولو قال أنت طالق ثلاثا الا واحدة وواحدة وواحدة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تطلق ثلاثا لأنه عطف بعض الكلمات على البعض والعطف للاشتراك وعند ذلك صار مستثنيا للكل فكأنه قال الا ثلاثا وهو الظاهر من قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وقد روى عنه انه يقع واحدة وهو قول زفر رحمه الله تعالى لأنه لو قال الا واحدة وواحدة صار مستثنيا للاثنتين فكان صحيحا فإنما بطل استثناء فقط (قال) ولو قال أنت طالق تطليقة الا نصفها فهي طالق واحدة لان ما بقي منها تطليقة تامة وهو إشارة إلى مذهب محمد رحمه الله تعالى في أن التطليقة تتجزى في الاستثناء وعلى قول من يقول لا تتجزى هذا استثناء لجميع ما تكلم به وهذا لا يصح وذكر في النوادر إذا قال أنت طالق ثنتين وثنتين الاثنتين ان الاستثناء صحيح عندنا وتطلق ثنتين وعند زفر رحمه الله تعالى تطلق ثلاثا لأنه استثنى أحد الكلامين وهو باطل ولكنا نقول لتصحيح هذا الاستثناء وجه وهو ان يجعل
(٩٢)