المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٥٩
موجود في المبتوتة كوجوده في المتوفى عنها زوجها وعين الزوج ما كان مقصودا لها حتى يكون التحزن بفواته بل كان مقصودها ما ذكرنا من النعمة وذلك بفوتها في الطلاق والوفاة بصفة واحدة بخلاف العدة من نكاح فاسد والوطئ بشبهة لأنه ما فاتها نعمة بل تخلصت من الحرام بالتفريق بينهما وصفة الحداد أن لا تتطيب ولا تدهن ولا تلبس الحلي ولا الثوب المصبوغ بالعصفر أو الزعفران لان المقصود من هذا كله التزين وهو ضد إظهار التحزن ولأنه من أسباب رغبة الرجال فيها وهي ممنوعة من الرجال ما دامت معتدة ولا ثوب عصب ولا خز لتتزين به قيل هو البرد اليماني والأصح انه القصب وفي النوادر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا بأس بأن تلبس القصب والخز الأحمر وتأويل ذلك إذا لبست ذلك لا على قصد التزين به فاما على قصد التزين به فهو مكروه كما قال في الكتاب ولا تدهن رأسها لزينة فان الدهن أصل الطيب الا ترى ان الروائح تلقى فيه فيصير غالية وان استعملت الدهن على وجه التداوي بان اشتكت رأسها فصبت عليه الدهن جاز لأن العدة لا تمنع التداوي وإنما تمنع من التزين ولا تكتحل للزينة أيضا فان اشتكت عينها فلا بأس بأن تكتحل بالكحل الأسود لما روى أن المتوفى عنها زوجها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاكتحال في الابتداء فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغت الباب دعاها فقال قد كانت إحداكن في الجاهلية الحديث وتأويله أنه وقع عنده صلى الله عليه وسلم أنها لا تقصد الزينة بالاكتحال في الابتداء فأذن لها ثم علم أن قصدها الزينة فمنعها وإن لم يكن لها الا ثوب مصبوغ فلا بأس بأن تلبسه من غير أن تريد الزينة بذلك لأنها لا تجد بدا من ستر عورتها وإذا لم تجد سوى هذا الثوب فمقصودها الستر لا الزينة والاعمال بالنيات وأما المطلقة طلاقا رجعيا فلا بأس بأن تتطيب وتتزين بما أحبت من الثياب لان نعمة النكاح والحل ما فاتت بعد لان الزوج مندوب إلى أن يراجعها والتزين مما يبعثه على مراجعتها فتكون مندوبة إليه أيضا فأما الكتابية تحت مسلم إذا فارقها أو توفى عنها فليس عليها أن تتقي في عدتها شيئا من الطيب والزينة لان الحداد في العدة لحق الشرع وهي لا تخاطب بالشرائع وفى الكتاب قال لان الذي فيها من الشرك والذي تترك من فرائض الله تعالى أعظم من هذا (قال) وتتقى المملوكة المسلمة في عدتها ما تتقى منه الحرة الا الخروج لأنها مخاطبة بحق الشرع كالحرة وإنما لا تمنع من الخروج لحق مولاها في خدمته ولا حق للمولى
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست