المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٤٩
شهادتها ببعض هذه الأسباب وجب الحكم بها وإلا فلا ولو أقرت بانقضاء العدة ثم ولدت لأقل من ستة أشهر ثبت النسب منه لأنا تيقنا انها أبطلت فيما قالت فإنها أقرت بانقضاء العدة بالشهور وقد تبين انها كانت حاملا يومئذ فكان اقرارها باطلا (قال) ولو أن رجلا طلق امرأته ثلاثا أو تطليقة بائنة ثم جاءت بالولد بعد الطلاق لسنتين أو أقل وشهدت امرأة على الولادة والزوج ينكر الولادة والحبل لم يلزمه النسب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ما لم يشهد به رجلان أو رجل وامرأتان ويلزمه النسب في قولهما بشهادة امرأة واحدة وهذا والأول سواء لأنها للحال أجنبية منه في الوجهين ويستوى ان كانت هذه المعتدة مسلمة أو كافرة أو أمة في هذا الحكم لان بقاء الولد في البطن لا يختلف بهذه الأوصاف (قال) ولو كانت المرأة عند زوجها لم يطلقها فجاءت بولد وأنكر الزوج الحبل قبلت شهادة امرأة واحدة حرة مسلمة على الولادة ويثبت النسب عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يقبل الا شهادة أربع نسوة لان الأصل في الشهادة ان الحجة لا تتم الا بشهادة رجلين والمرأتان تقومان مقام رجل واحد في باب الشهادة بالنص حتى أن المال لا يثبت الا شهادة رجل وامرأتين وقد تعذر اعتبار صفة الذكورة فيما لا يطلع عليه الرجال فسقط للضرورة وبقي ما سواه على الأصل فيشترط شهادة الأربع ليكون ذلك في معنى شهادة رجلين ودليل كونه شهادة اعتبار الحرية ولفظ الشهادة فيها ولا معنى لقول من يقول إباحة النظر لأجل الضرورة فإذا ارتفعت الضرورة بالمرأة الواحدة لا يحل للثانية النظر لأنكم وان قلتم أنه يكتفى بالواحدة تقولون المثنى أحوط وعلى قول ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى لا بد من شهادة امرأتين لان المعتبر في الشهادة العدد والذكورة وقد سقط اعتبار صفة الذكورة للتعذر هنا فيبقى العدد على ظاهره وأصحابنا رحمهم الله تعالى استدلوا بحديث حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة على الولادة وفى حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه والنساء اسم جنس يتناول الواحدة وما زاد والمعنى فيه أن هذا خبر لا يعتبر فيه صفة الذكورة فلا يعتبر فيه العدد كرواية الاخبار وهذا لان النظر إلى الفرج حرام فلا يحل إلا عند تحقق الضرورة وعند الضرورة نظر الجنس أهون من نظر الذكور ولما سقطت صفة الذكورة لهذا المعنى سقط أيضا اعتبار العدد لان نظر الواحد أهون من نظر الجماعة ولهذا لا يسقط اعتبار الحرية لان نظر الأمة والحرة سواء
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست