المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٤٢
واحد لا يتصور ولو جاز القول بالتداخل في العدة لكان الأولى أقراء عدة واحدة فينبغي أن يكتفي بقرء واحد لان المقصود يحصل وهو العلم بفراغ الرحم وحجتنا في ذلك أن العدة بمجرد أجل والآجال تنقضي بمدة واحدة في حق الواحد والجماعة كآجال الديون وبيانه ان الله سبحانه وتعالى سمى العدة أجلا فقال عز وجل أجلهن أن يضعن حملهن وسماه تربصا والتربص هو الانتظار والانتظار يكون سبب الاجل كالانتظار في المطالبة بالدين إلى انقضاء الأجل ومن حيث المقصود في الاجل يحصل مقصود كل واحد من الغريمين بمدة واحدة وهنا مقصود كل واحد من صاحبي العدة يحصل بثلاث حيض وهو العلم بفراغ رحمها من مائة ثم معنى العبادة في العدة تبع لا مقصود وإنما ركن العدة حرمة الخروج والتزوج ألا ترى ان الله تعالى ذكر ركن العدة بعبارة النهي فقال تعالي ولا يخرجن وقال عز وجل ولا تعزموا عقدة النكاح وموجب النهى التحريم والحرمات تجتمع فان الصيد حرام على المحرم في الحرم لحرمة الاحرام والحرم والخمر حرام على الصائم لصومه ولكونه خمرا وليمينه إذا حلف لا يشربها بخلاف ركن الصوم فإنه مذكور بعبارة الامر قال الله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل فعرفنا ان الركن فيه الفعل ثم عدتها تنقضي وإن لم تعلم وتنقضي وإن لم تكف نفسها عن الخروج والبروز ولا يتصور أداء العبارة بدون ركنها ولان بوطئ الثاني قد لزمها العدة والشروع في العدة لا يتأخر عن حال تقرر عن سبب الوجوب وهذا لأنه لو امتنع شروعها فيه أنما يمتنع بسبب العدة الأولى والعدة الأولى أثر النكاح وأصل النكاح لا يمنع شروعها في العدة إذا تقرر سبب وجوبها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة فأثرها أولى أن لا يمنع ولأن هذه العدة لتبين فراغ الرحم وبمضي العدة الأولى يتيقن بفراغ الرحم فيستحيل أن يكون شروعها في العدة موقوفا على التيقن بفراغ الرحم ولا معنى لما ذكره من أقراء العدة الواحدة فان الشهور في الاجل الواحد لا تتداخل والجلدات في الحد الواحد لا تتداخل ويتداخل الحدان وهذا لان الحيضة الواحدة لتعريف براءة الرحم والثانية لحرمة النكاح والثالثة لفضيلة الحرية فإذا قلنا بالتداخل في أقراء عدة واحدة يفوت هذا المقصود وفى الكتاب قال ألا ترى أنها لو كانت حاملا فوضعت حملها انقضت عدتها منهما أما إذا كانت حاملا من الأول فقد وجب عليها كل واحدة من العدتين وهي حامل وعدة الحامل تنقضي بوضع الحمل وان حبلت من الثاني فلا بد من القول بسقوط الأقراء إذا حبلت والعدة بعد
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست