المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٣٢
في عدة الوفاة ولا يمكنها إقامة سنة الحداد الا بعد العلم بموته ولأن هذه العدة تجب بطريق العبادة فلا بد من علمها بالسبب لتكون مؤدية للعبادة ولكنا نقول العدة مجرد مضي المدة وذلك يتحقق بدون علمها فهو وعدة الطلاق سواء وأكثر ما في الباب أنها لم تقم سنة الحداد ولكن ذلك لا يمنع من انقضاء العدة كما لو كانت عالمة بموت الزوج ومعني العبادة في العدة تبع لا مقصود الا تري انها تجب على الكتابية تحت المسلم وهي لا تخاطب بالعبادات (قال) والمتوفي عنها زوجها إذا كانت أمة أو مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد فإن كان ت حائلا فعدتها شهران وخمسة أيام لان الرق منصف للعدة كما بينا وان كانت حاملا فعدتها ان تضع حملها لان مدة الحبل لا تحتمل التنصيف فان شيئا من المقصود وهو براءة الرحم لا يحصل قبل وضع الحمل (قال) ولا ينبغي للمطلقة ثلاثا أو واحدة بائنة أو رجعية ان تخرج من منزلها ليلا ولا نهارا حتى تنقضي عدتها لقوله تعالى ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة قال إبراهيم رضي الله عنه الفاحشة خروجها من بيتها وبه أخذ أبو حنيفة رحمه الله تعالى وقال ابن مسعود رضي الله عنه الفاحشة أن تزني فتخرج لإقامة الحد وبه أخذ أبو يوسف رحمه الله تعالى وقال ابن عباس رضي الله عنه الفاحشة نشوزها وأن تكون بذيئة اللسان تبذو على أحماء زوجها وما قاله ابن مسعود رضي الله عنه هو الأصح فإنه جعل الفاحشة غاية والشئ لا يجعل غاية لنفسه وما ذكره إبراهيم محتمل أيضا والمعنى أن يكون خروجها فاحشة كما يقال لا يسب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون كافرا ولا يزنى إلا أن يكون فاسقا وعلى هذا لا تخرج لسفر الحج ولا لغيره لان الامتناع من الخروج موقت بالعدة يفوت بمضيها والخروج للحج لا يفوتها فتقدم ما يفوت على ما لا يفوت وأما المتوفى عنها زوجها فلها أن تخرج بالنهار لحوائجها ولكنها لا تبيت في غير منزلها لما روى أن فريعة بنت مالك بن أبي سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنه جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها تستأذنه أن تعتد في بنى خدرة فقال صلى الله عليه وسلم امكثي في بيتك حتى تنقضي عدتك ولم ينكر عليها خروجها للاستفتاء وعن علقمة رضى الله تعالى عنه أن اللاتي توفى عنهن أزواجهن شكون إلى ابن مسعود رضى الله تعالى عنه الوحشة فرخص لهن أن يتزاورن بالنهار ولا يبتن في غير منازلهن والمعنى فيه أنه لا نفقة في هذه العدة على زوجها فهي تحتاج إلى الخروج لحوائجها في النهار وتحصيل
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست