المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٧٢
ان النكاح لا يحتمل الفسخ بعد تمامه ألا ترى أنه لا يفسخ بالهلاك قبل التسليم فان الملك الثابت به ضروري لا يظهر الا في حق الاستيفاء وقد قررنا هذا في النكاح وبينا ان الفسخ بسبب عدم الكفاءة فسخ قبل التمام فكان في معنى الامتناع من الاتمام وكذلك في خيار البلوغ والعتق فاما الخلع يكون بعد تمام العقد والنكاح لا يحتمل الفسخ بعد تمامه ولكن يحتمل القطع في الحل فيجعل لفظ الخلع عبارة عن رفع العقد في الحال مجازا وذلك أنما يكون بالطلاق ألا ترى أن الرجل يقول خلعت الخف من رجلي يريد به الفصل في الحال فاما الآية فقد ذكر الله تعالى التطليقة الثالثة بعوض وبغير عوض وبهذا لا يصير الطلاق أربعا وفائدة هذا الاختلاف أنه لو خالعها بعد تطليقتين عندنا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وعنده له أن يتزوجها وان نوى بالخلع ثلاث تطليقات فهي ثلاث لأنه بمنزلة ألفاظ الكناية وقد بينا ان نية الثلاث تسع هناك فكذلك في الخلع وان نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وعلى قول زفر رحمه الله تعالى اثنتان كما في لفظ الحرمة والبينونة وكذلك كل طلاق بجعل فهو بائن لان الزوج ملك البدل عليها فتصير هي بمقابلته أملك لنفسها ولان غرضها من التزام البدل ان تتخلص من الزوج ولا يحصل ذلك الا بوقوع البينونة فان قال الزوج لم أعن بالخلع طلاقا وقد أخذ عليه جعلا لم يصدق في الحكم لأنه أخذ الجعل على سبيل التملك ولا يتملك ذلك الا بوقوع الطلاق عليها فكان ذلك أدل على قصده الطلاق من حال مذاكرة الطلاق ولكن فيما بينه وبين الله تعالى يسعه أن يقيم معها لان الله تعالى عالم بما في سره إلا أنه لا يسع المرأة ان تقيم معه لأنها لا تعرف منه الا الظاهر كالقاضي (قال) والمبارأة بمنزلة الخلع في جميع ذلك لأنه مشتق من البراءة وهو أدل على قطع الوصلة من الخلع وإذا جعل الخلع تطليقة بائنة فالمبارأة أولى وللمختلعة والمبارأة النفقة والسكنى ما دامت في العدة هكذا نقل عن علي رضي الله عنه وهذا لان النفقة لم تجب قبل مجئ وقتها فلا يتناولها الخلع والبراءة العامة وإنما ينصرف مطلق اللفظ إلى ما هو واجب (قال) فإن كان الزوج اشترط عليها البراءة من النفقة والسكنى فهو برئ من النفقة لأنها أسقطت حقها ووجوب النفقة لها في العدة باعتبار حالة الفرقة حتى إذا كانت ممن لا تستحق النفقة عند ذلك لا تستحقه من بعد فيصح اسقاطها ولكن في ضمن الخلع تبعا له حتى لو أسقطت نفقتها بعد الخلع بابراء الزوج عنها لا يصح ذلك لأنها مقصودة بالاسقاط فلا يكون الا بعد وجوبها وهي تجب شيئا
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست