مشتقا من لفظ الطلاق كقوله قد طلقتك أو أنت مطلقة إلا أنه روى عن محمد رحمه الله تعالى انه إذا قال أنت مطلقة باسكان الطاء وتخفيف اللام لا يكون طلاقا لا بالنية لان هذا اللفظ غير مختص بالنساء ولو نوى بقوله أنت طالق ثلاثا أو اثنتين لا تعمل نيته عندنا ولا يقع عليها الا واحدة رجعية وعلى قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى يقع ما نوى وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الأول لان الصريح أقوى من الكناية فإذا صح نية الثلاث في قوله أنت بائن فلان يصح في قوله أنت طالق أولى وهذا لان لفظ الطلاق محتمل للعدد حتى يفسر به فتقول أنت طالق ثلاثا وهو نصب على التفسير وإذ قيل إن فلانا طلق امرأته يصح الاستفسار عن العدد فيقال كم طلقها ولان قوله أنت طالق أي طالق طلاقا فإنها لا تكون طالقا الا بالطلاق ولو صرح بهذا ونوى الثلاث يصح ولأنه لو قال لها طلقي نفسك ونوى به الثلاث صحت نيته فكذلك إذا قال طلقتك لان كل واحد منهما ذكر بلفظ الفعل وحجتنا في ذلك أن ابن عمر رضى الله تعالى عنه طلق امرأته فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يراجعها ولم يستفسره انك أردت الثلاث أم لا ولم يحلفه على ذلك ولو كانت نية الثلاث تسع في هذا اللفظ لحلفه كما حلف ابن ركانة رضى الله تعالى عنه في لفظ البتة والمعنى فيه أنه نوى مالا يحتمله لفظه فلا تعمل نيته كما لو قال لها حجي أو زوري أباك أو اسقيني ماء من خارج ونوى به الطلاق وهذا لان المنوي إذا لم يكن من محتملات اللفظ فقد تجردت النية عن اللفظ وبمجرد النية لا يقع شئ وإنما قلنا ذلك لان قوله أنت طالق نعت فرد فلا يحتمل العدد ألا ترى أنه يقال للمثني طالقان وللثلاث طوالق فيكون نعتا للنساء لا للطلاق وقوله طلقتك فعل وهو لا يحتمل العدد كقوله قمت وقعدت وأحد لا يخالف في هذا وإنما تعمل النية عنده بما قال إنها لا تكون طالقا الا للطلاق ولكن هذا ثابت بمقتضى كلامه ولا عموم للمقتضي عندنا لان ثبوته لتصحيح الكلام حتى لو صح بدون المقتضى لا يثبت المقتضى ويصح بدون صفة العموم في المقتضى ولان ذكر النعت يقتضى وصفا ثابتا للموصوف لغة فاما الوصف الثابت للواصف لتصحيح كلامه يكون ثابتا شرعا لا لغة والطلاق بهذه الصفة لان تقديم الايقاع لتصحيح كلامه شرعا وكذلك في قوله قد طلقتك فإنه حكاية قوله ولا احتمال فيه لمعنى العدد ولا لمعني العموم بخلاف قوله طلقي نفسك فان نية العدد لا تعمل هناك عندنا حتى لو نوي الثنتين لا يصح ونية الثلاث إنما تصح
(٧٦)