المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢٣٤
لأنه شبه الثانية بالأولى ولان قصد التشبيه في حكم الظهار وهذا قصد صحيح لما بينا ان تشبيه الشئ بالشئ قد يكون في وجه خاص وكذلك أن قال رجل آخر لامرأته أنت علي مثل امرأة فلان عليه ينوى الظهار كان مظاهرا منها أيضا وإن لم ينو الظهار فهو باطل لان الكلام محتمل يجوز أن يكون التشبيه في حكم الحل والملك أو البر والكرامة والمحتمل لا يكون ملزما شيئا بدون النية (قال) وان ظاهر من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى قد أشركتك في ظهار فلانة كان مظاهرا أيضا منها كما في الطلاق وهذا لان الاشراك يقتضى التسوية وقد صرح بالظهار فكان ذلك تنصيصا على التسوية بينهما في حكم الظهار وان قال لامرأته أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم يلزمه شئ لان الاستثناء إذا اتصل بالكلام يخرجه من أن يكون عزيمة كما في الطلاق والعتاق قال صلى الله عليه وسلم من حلف بطلاق أو عتاق واستثنى فلا حنث عليه وان قال إن شاء فلان فالمشيئة إلى فلان في مجلس علمه كما في الطلاق ألا ترى أنه لو علق بمشيئتها ينجز إذا شاءت في مجلس علمها فكذلك إذا علق بمشيئة غيرها (قال) وكفارة الظهار على العبد الصوم ما لم يعتق لأنه عاجز عن الاعتاق وعجزه أبين من عجز المعسر فإنه ليس بأهل للملك فيكفر بالصوم وليس لمولاه أن يمنعه من الصوم لما تعلق به من حق المرأة وقد بيناه في كتاب الصوم فان عتق قبل أن يكفر وملك مالا فكفارته بالعتق لان التكفير بالصوم كان لضرورة العجز عن التكفير بالمال فإذا زال ذلك لزمه التكفير بالمال كالمتيمم إذا وجد الماء وهذا بناء على أصلنا أن المعتبر في الكفارات حالة الأداء لا حالة الوجوب وفى أحد قولي الشافعي رضي الله عنه المعتبر حالة الوجوب بناء على أصله في اعتبار معني العقوبة فيها كما في الحدود حتى إذا وجب عليه الحد وهو عبد ثم عتق قبل الإقامة يقام عليه حد العبيد لاحد الأحرار بخلاف الكفارة وعندنا المعتبر حالة الأداء إلا أن الصوم بدل عن العتق ومع القدرة على الأصل لا يتأدى الواجب بالبدل وحد العبيد ليس ببدل عن حد الأحرار والمصير إليه ليس للعجز فبدن العبد يحتمل من الضرب فوق ما يحتمله بدن الحر وسنقرر هذا في كتاب الايمان إن شاء الله تعالى (قال) وان أعتق عنه مولاه في رقه أو أطعم عنه بأمره لم يجزه لان الرق مناف للملك فلا يملك المال بتمليك المولى مع قيام المنافى فيه فان المتنافيين لا يجتمعان وبدون ملكه لا يتصور الاعتاق عنه والكفارة الواجبة عليه لا تسقط بملك الغير فلهذا لا يجوز اعتاقه عن كفارته ولا اطعامه المساكين
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 » »»
الفهرست