المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٢٢
في الثالثة فيكون ذلك بيانا ان الشهر تسعة وعشرون يوما ثم الأصل في هذه الإشارة أنها تقع بالأصابع المنشورة لا بالأصابع المعقودة والعرف دليل على هذا وكذلك الشرع فان النبي صلى الله عليه وسلم لما خنس إبهامه في الثالثة كان الاعتبار بما نشر من الأصابع دون ما عقد حتى لو قال عنيت الإشارة بالإصبعين اللتين عقدت لم يدين في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى لكون ما قال محتملا وكذلك إذا قال عنيت الإشارة بالكف دون الأصابع دين فيما بينه وبين الله تعالى لكونه محتملا ولا يدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر فتطلق ثلاثا وبعض المتأخرين يقولون إن جعل ظهر الكف إليها والأصابع المنشورة إلى نفسه دين في القضاء وان جعل الأصابع المنشورة إليها لم يدين في القضاء وإذا أشار بأصابعه فقال أنت طالق ولم يقل هكذا فهي واحدة لان كلامه لا يتصل بإشارته الا بقوله هكذا فإذا لم يقل كان وجود الإشارة كعدمها فتطلق واحدة بقوله أنت طالق وان قال أنت طالق وهو يريد أن يقول ثلاثا فأمسك رجل على فيه فلم يقل شيئا بعد ذكر الطلاق فهي طالق واحدة لان الوقوع بلفظه لا بقصده وهو ما تلفظ الا بقوله أنت طالق وكذلك لو مات الرجل بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثا فهي طالق واحدة بخلاف ما إذا ماتت المرأة بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثا فإنها لا تطلق شيئا لان الزوج وصل لفظ الطلاق بذكر العدد فيكون العامل هو العدد الا ترى أنه لو قال لها قبل الدخول أنت طالق ثلاثا تطلق ثلاثا لان ذكر العدد حصل بعد موتها فاما إذا مات الرجل فلفظ الطلاق هنا لم يتصل بذكر العدد فبقي قوله أنت طالق ولو قال أنت طالق أنت طالق فماتت المرأة قبل ذكر الثانية طلقت واحدة لما قلنا إن كلامه هنا ايقاع عامل في الوقوع فإنما يقع ما صادفها وهي حية دون ما صادفها بعد الموت وان قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق ان دخلت الدار فماتت قبل فراغه من الكلام لم يقع عليها شئ لان الكلام المعطوف بعضه على بعض إذا اتصل الشرط بآخره يخرج من أن يكون ايقاعا كما إذا اتصل الاستثناء به وقد تحقق اتصال الشرط بالكلام بعد موتها وان قال احدى امرأتي طالق ثلاثا ولا نية له فذلك إليه يوقعها على أيتهما شاء فان ايجاب الطلاق في المجهول صحيح بخلاف ما يقوله نفاة القياس وحجتنا عليهم الحديث كل طلاق جائز ثم الأصل ان الايجاب في المجهول يصح فيما يحتمل التعليق بالشرط لأنه كالمعلق بخطر البيان في حق العين ولان ما هو مبنى على الضيق وهو
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست