المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٨٧
فلا كفارة عليه قال لان قبل الزوال حكم الامساك موقوف على أن يصير صائما بنيته فصار بأكله جانيا مفوتا للصوم فأما بعد الزوال إمساكه غير موقوف على أن يصير صوما بالنية فلم يكن في أكله جانيا على الصوم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الكفارة تستدعى كمال الجناية وذلك بهتك حرمة الصوم والشهر جميعا ولم يوجد منه هتك حرمة الصوم لأنه ما كان صائما قيل أن ينوى فتجرد هتك حرمة الشهر عن حرمة الصوم وهو غير موجب للكفارة كما لو تجرد هتك حرمة الصوم عن هتك حرمة الشهر بأن أفطر في قضاء رمضان وعلى قول زفر رحمه الله تعالى عليه الكفارة سواء أكل قبل الزوال أو بعده لان عنده هو صائم وإن لم ينو (قال) فان فان أصبح غيرنا وللصوم ثم نوى قبل الزوال ثم أكل فلا كفارة عليه الا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه تلزمه الكفارة لان شروعه في الصوم قد صح فتكاملت جنايته بالفطر كما لو كان نوى بالليل وجه قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ان ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل ينفي كونه صائما بهذه النية والحديث وإن ترك العمل بظاهره يبقي شبهة في درء ما يندرئ بالشبهات كمن وطئ جارية ابنه مع العلم بالحرمة لا يلزمه الحد لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ثم هذا على أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى ظاهر لان عنده لو أكل قبل النية لا تلزمه الكفارة وما كان موجودا في أول النهار يصير شبهة في آخره كالسفر إنما الشبهة على قول محمد رحمه الله تعالى وعذره ما بينا (قال) المغمى عليه في جميع الشهر إذا أفاق بعد مضيه فعليه القضاء الا على قول الحسن البصري فإنه يقول سبب وجود الأداء وهو شهود الشهر لم يتحقق في حقه لزوال عقله بالاغماء ووجوب القضاء ينبنى عليه (ولنا) ان الاغماء مرض وهو عذر في تأخير الصوم إلى زواله لا في اسقاطه وهذا لان الاغماء يضعف القوى ولا يزيل الحجا ألا ترى أنه لا يصير موليا عليه وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتلى بالاغماء في مرضه وكان معصوما عما يزيل العقل قال الله تعالى ما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون فإذا كان مجنونا في جميع الشهر فلا قضاء عليه الا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول الجنون مرض يخل العقل فيكون عذرا في التأخير إلى زواله لا في اسقاط الصوم كالاغماء ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ومن كان مرفوعا عنه القلم لا يتوجه عليه الخطاب بأداء الصوم والقضاء ينبنى عليه
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست