يستند حكم النية إليه بخلاف صوم رمضان فإنه متعين في وقته فيتوقف إمساكه عليه فيستند حكم النية ثم إقامة النية في أكثر الوقت مقام النية في جميعه لأجل الضرورة والحاجة وذلك فيما يفوته دون مالا يفوته وصوم رمضان يفوته عن وقته والنفل لا يفوته أصلا فاما ما كان دينا في ذمته لا يفوت فلا تقام النية في أكثر الوقت في حقه مقام النية في جميعه (قال) ولا يكون صائما في رمضان ولا في غيره ما لم ينو الصوم وان اجتنب المفطرات إلى آخر يومه بمرض أو غير مرض وقد بينا قول زفر رحمه الله تعالى في الصحيح المقيم انه يتأدى منه الصوم بمجرد الامساك من غير النية فإن كان مريضا أو مسافرا فلا خلاف انه لا يكون صائما ما لم ينو وعند زفر رحمه الله تعالى ما لم ينو من الليل قال لان الأداء غير مستحق عليه في هذا الوقت نفسه فلا يتعين الا بنيته بخلاف الصحيح المقيم وعندنا اشتراط النية ليصير الفعل قربة فان الاخلاص والقربة لا يحصل الا بالنية قال الله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ففي هذا المسافر والمقيم سواء إنما فارق المسافر المقيم في الترخص بالفطر فإذا لم يترخص صحت منه النية قبل انتصاف النهار كما تصح من المقيم (قال) فان أصبح بنية الفطر فظن أن نيته هذه قد أفسدت عليه صومه وأفتى بذلك فأكل قبل انتصاف النهار فعليه القضاء ولا كفارة عليه للشبهة التي دخلت وهما فصلان أحدهما إذا أصبح ناويا للصوم ثم نوى الفطر لا يبطل به صومه عندنا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى يبطل فان الشروع في الصوم لا يستدعى فعلا سوى نية الصوم فكذلك الخروج لا يستدعى فعلا سوى النية ولان النية شرط أداء الصوم وقد أبدله بضده وبدون الشرط لا تتأدى العبادة (ولنا) الحديث الذي روينا الفطر مما يدخل وبنيته ما وصل شئ إلى باطنه ثم هذا حديث النفس. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لامتي عما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا أو يتكلموا وكما أن الخروج من سائر العبادات لا يكون بمجرد النية فكذلك من الصوم وبالاتفاق اقتران النية بحالة الأداء ليس بشرط فإنه لو كان مغمى عليه في بعض اليوم يتأدى صومه ففي هذا الفصل إذا أفتي بأن صومه لا يجوز فأفطر لم يكن عليه كفارة لشبهة اختلاف العلماء لان على العامي أن يأخذ بقول المفتى وإن كان أصبح غيرنا وللصوم ثم أكل فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا كفارة عليه سواء أكل قبل الزوال أو بعده وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ان أكل قبل الزوال فعليه الكفارة وان أكل بعد الزوال
(٨٦)