المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٤٥
تعالي هذا على عشر جمع وعندهما على جمع العمر ولو قال لله على صوم جمع هذا الشهر فعليه أن يصوم كل جمعة تمر عليه في ذلك الشهر لان الجمع جمع جمعة وهو اسم لليوم الذي تقام فيه صلاة الجمعة وقد روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يلزمه صوم جميع ذلك الشهر لان الجمعة تذكر بمعنى الأسبوع في العادة يقول الرجل لغيره لم ألقك منذ جمعة وإنما يريد به الأسبوع قال رضي الله عنه والأصح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه لا يلزمه بالنذر الا القدر المتيقن به وكل واحد من هذين المعنيين من محتملات كلامه فيلزمه المتيقن ولو قال لله على صوم أيام الجمعة كان عليه صوم سبعة أيام لان الأيام اسم جمع فيه يتبين أن مراده الأسبوع دون اليوم الذي تقام فيه الجمعة خاصة ولو قال لله على صوم جمعة فهذا على وجهين قد يقع على أيام الجمعة السبعة وقد يقع على الجمعة بعينها فأي ذلك نوى عملت نيته وإن لم تكن له نية فهذا على أيام الجمعة سبعة أيام وهذا يؤيد رواية أبى يوسف رحمه الله تعالى في الفصل الأول فإنه لم يعتبر المتيقن هنا واعتبر ما تعارفه الناس ولكن الفرق بينهما في ظاهر الرواية أن هنا ذكر الجمعة مطلقا ولو كان المراد بهذا اللفظ اليوم الذي تقام فيه الجمعة لقيد بذكر اليوم فترك التقييد هنا دليل على أن مراده الأيام السبعة وفى الفصل الأول وإن لم يذكر اليوم ففي لفظه ما يدل على أنه هو المراد لأنه أضاف الجمع إلى الشهر فذلك دليل على أن مراده أيام الجمعة التي تدور في الشهر (قال) ولو قال لله على صوم كذا كذا يوما فان نوى عددا هو من محتملات لفظه كان على ما نوى وإن لم يكن له نية فهو على أحد عشر يوما لان كذا اسم لعدد مبهم فقد ذكر عددين مبهمين ليس بينهما حرف العطف وأقل عددين مفسرين ليس بينهما حرف العطف أحد عشر فعلى ذلك يحمل ما ذكر من العددين المبهمين ولو قال كذا وكذا يوما لزمه صوم أحد وعشرين يوما لأنه ذكر حرف العطف بين العددين المبهمين وأقل عددين مفسرين بينهما حرف العطف أحد وعشرون فعلى ذلك يحمل مبهم كلامه إذا لم ينو شيئا آخر (قال) ولو قال لله على صوم بضعة عشر يوما لزمه صيام ثلاثة عشر يوما لان البضع أدناه الثلاثة على ما روى أنه لما نزل قوله تعالى وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين خاطر أبو بكر مع قريش على أن الروم تغلب فارس في ثلاث سنين إلى أن قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تعدون البضع فيكم فقال من الثلاث إلى سبع فقال عليه الصلاة والسلام زد في الخطر وأبعد في الاجل فقد بين ان أدنى ما
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست