صومه لم يفسد به ثم أفطر بعد ذلك متعمدا فإنه تلزمه الكفارة فاما على الرواية التي رويت عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى انه لا يلزمه الكفارة وإن كان عالما لشبهة القياس فهنا أيضا يقول لا تجب الكفارة (قال) ولو أن صائما ابتلع شيئا كان بين أسنانه فلا قضاء عليه سمسمة كانت أو أقل منها لان ذلك مغلوب لا حكم له كالذباب يطير في حلقه وان تناول سمسمة وابتلعها ابتداء فهو مفطر لان هذا يقصد ابطال صومه ومعنى هذا انه إذا أدخل سمسمة في فمه فابتلعها فقد وجد منه القصد إلى ايصال المفطر إلى جوفه وذلك مفسد لصومه فاما إذا كان باقيا بين أسنانه فلم يوجد منه القصد إلى ايصال المفطر إلى جوفه والذي بقي بين أسنانه تبع لريقه ولو ابتلع ريقه لم يفسد صومه فهذا مثله بوضح الفرق انه لا يمكنه التحرز عن اتصال ما بقي بين أسنانه إلى جوفه خصوصا إذا تسحر بالسويق وما لا يمكنه التحرز عنه فهو عفو الا ترى ان الصائم إذا تمضمض فإنه يبقى في فمه بلة ثم تدخل بعد ذلك حلقه مع ريقه وأحد لا يقول بان ذلك يفطره وذكر الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى انه لو بقي لحم بين أسنان الصائم فابتلعه فعليه القضاء قال وهذا إذا كان قدر الحمصة أو أكثر فإن كان دون ذلك فلا قضاء عليه فبهذه الرواية يظهر الفرق بين القليل الذي لا يستطاع الامتناع عنه وبين الكثير الذي يستطاع الامتناع عنه ثم في قدر الحمصة أو أكثر إذا ابتلعه فعليه القضاء دون الكفارة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أيضا وعند زفر رحمه الله تعالى عليه القضاء والكفارة لان ذلك مما يتغذى به ولو أدخله في فمه وابتلعه كان عليه القضاء والكفارة فكذلك إذا كان باقيا بين أسنانه فابتلعه وليس فيه أكثر من أنه متغير وذلك لا يمنع وجوب الكفارة عليه كما لو أفطر بلحم منتن ولكنا نقول ما بقي بين الأسنان مما لا يتغذى به ولا يتداوى به في العادة مقصودا فالفطر به لا يوجب الكفارة كالفطر بتناول الحصاة يوضحه انه لم يوجد منه ابتداء الأكل في حالة الصوم لان ابتداء الأكل بادخال الشئ في فيه واتمامه بالاتصال إلى جوفه وحين أدخل هذا في فيه لم يكن فعله جناية على الصوم فتتمكن الشبهة في حقه في فعله والكفارة تسقط بالشبهة ولو أن مسافرا صام في رمضان عن واجب آخر أجزأه من ذلك الواجب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعليه قضاء رمضان وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يقع صومه عن رمضان ولا يكون عن غيره بنيته مريضا كان أو مسافرا ولم يذكر قول أبى
(١٤٢)