المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٣
أنقص مما التزمه وهذا بخلاف ما إذا أضاف النذر إلى وقت فاضل فمضى ذلك الوقت لان هناك قد تحقق العجز عن الأداء بالصفة التي التزمه ولهذا لم يجوز زفر التعجيل على ذلك الوقت لان العجز لا يتحقق قبل مجئ ذلك الوقت وحجتنا في ذلك أن صحة النذر باعتبار معنى القربة وذلك في الصلاة لا في المكان لان الصلاة تعظيم لله تعالى بجميع البدن وفي هذا المعنى الأمكنة كلها سواء وإن كان الأداء في بعض الأمكنة أفضل فذلك لا يدل على أن الواجب لا يتأدى بدون ذلك كما في أداء المكتوبات ولا شك ان أداء الصلاة بالجماعة في المسجد أفضل وقد أمر شرعا بالأداء بهذه الصفة ومع ذلك إذا أداها في بيته وحده سقط عنه الواجب ولما بين النبي صلى الله عليه وسلم ثواب المتطوع بالصلاة في هذه المساجد قال وأفضل ذلك كله صلاة الرجل في بيته في جوف الليل الآخر ثم عنده لو التزم صلاة في بعض هذه البقاع فصلاها في بيته لم يجز ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل صلاة المرأة فقال في أشد مكان من بيتها ظلمة فعلى هذا ينبغي أنها إذا التزمت الصلاة في المسجد الحرام فصلت في أشد مكان من بيتها ظلمة أن تخرج عن موجب نذرها وعند زفر رحمه الله تعالى لا تخرج والذي يوضح ما قلنا إن الناذر إنما يلتزم بنذره ما هو من فعله لا ما ليس من فعله والمكان ليس من فعله فيكون هو بالنذر ملتزما للصلاة دون المكان وفى أي موضع صلي فقد أدى ما التزمه فيخرج عن موجب نذره وإن كان الأداء في الموضع الذي عينه أفضل (قال) وان قال لله على أن أصوم شهرا متتابعا فأفطر يوما في الشهر استقبل الشهر من أوله لان ما يوجبه على نفسه معتبر بما أوجب الله تعالى عليه وما أوجب الله تعالى عليه من الصوم متتابعا إذا أفطر فيه يوما لزمه الاستقبال كصوم الظهار والقتل فكذلك ما يوجبه على نفسه بخلاف ما إذا أطلق النذر بالصوم فان ما أوجب الله تعالى عليه من الصوم مطلقا وهو قضاء رمضان إذا أفطر فيه يوما لا يلزمه الاستقبال فكذلك ما يوجبه على نفسه (قال) ولو قال لله على أن أصوم رجب متتابعا فأفطر فيه يوما فعليه قضاء ذلك اليوم وحده لان ما يوجبه على نفسه من الصوم في وقت بعينه معتبر بما أوجب الله عليه من الصوم في وقت بعينه وهو صوم رمضان وهذا لان ذكر التتابع في شهر بعينه غير معتبر لان المعين لا يعرف الا بصفته وإنما ذكر الصفة لتعريف ما ليس بمعين فيعتبر ذلك عند اطلاق لفظ الشهر ولا يعتبر عند التعيين ولان أيام الشهر المعين تكون متجاورة لا متتابعة فذكر التتابع
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست