المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٣١
والأيام لان بالاجماع النذر لا يتقيد بالفضيلة التي في الوقت المضاف إليه حتى لو نذر ان يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء فصام بعد مضى ذلك اليوم يوما دونه في الفضيلة فإنه يخرج عن موجب نذره وهذا بخلاف صوم رمضان وصلاة الظهر لان الشرع جعل شهود الشهر سببا لوجوب الصوم قال الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومثل هذا لبيان السبب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ومن ملك ذا رحم محرم فهو حر وكذلك الشرع جعل زوال الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر قال الله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس فإذا أدى قبل ذلك الوقت كان مؤديا قبل وجود سبب الوجوب فلهذا لا يجوز اما هنا الناذر لم يجعل الوقت بنذره سببا للوجوب لأنه ليس للعباد ولاية نصب الأسباب فيكون السبب متقررا قبل مجئ الوقت المضاف إليه وإن كان وجوب الأداء متأخرا فلهذا جاز التعجيل وهو نظير المسافر في شهر رمضان إذا صام كان مؤديا للفرض وإن كان وجوب الأداء متأخرا في حقه إلى عدة من أيام أخر والحرف الثاني انه أدى العبادة بعد وجود سبب وجوبها قبل وجوبها فيجوز كما لو كفر بعد الجرح قبل زهوق الروح في قتل المسلم أو في قتل الصيد وبيان الوصف ان هذه عبادة تضاف إلى النذر لا إلى الوقت يقال صوم النذر والواجبات تضاف إلى أسبابها والإضافة إلى وقت لا يمنع كونه نذرا في الحال بدليل ان التعجيل في النذر بالصدقة يجوز بالاتفاق وما لم يوجد السبب لا يجوز الأداء هناك كما لو علق النذر بالشرط وبعد وجود السبب يجوز التعجيل ماليا كان أو بدينا كما في كفارة القتل وكما لو صام المسافر في شهر رمضان يجوز لوجود السبب وهو شهود الشهر فإذا ثبت هنا ان السبب وهو النذر متقرر قلنا يجوز تعجيل الأداء وفى جواز التعجيل هنا منفعة للناذر فربما لا يقدر على الأداء في الوقت المضاف إليه لمرض أو غيره وربما تخترمه المنية قبل مجئ ذلك الوقت الا انه بالإضافة إلى ذلك الوقت قصد التخفيف على نفسه حتى لو مات قبل مجئ ذلك الوقت لا يلزمه شئ فأعطيناه مقصوده واعتبرنا تعيينه في هذا الحكم وجوزنا التعجيل لتوفير المنفعة عليه كما في الصدقة إذا عين الدراهم فهلكت تلك الدراهم لم يلزمه شئ ولو تصدق بمثلها وأمسكها خرج عن موجب نذره وإذا ثبت اعتبار التعيين من هذا الوجه قلنا يجوز الأداء بمطلق النية وبالنية قبل الزوال لان تعيينه معتبر فيما يرجع إلى النظر له وفى التأدي بمطلق النية قبل الزوال معنى النظر له فاعتبرنا تعيينه في هذا الحكم وأما إذا عين
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست