المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
بوقت الصوم والأكل ناسيا لا يفسد الصوم بخلاف ما إذا جامع ناسيا فحرمة الجماع لأجل الاعتكاف حتى يعم الليل والنهار جميعا وقد بينا ان ما كانت حرمته لأجل الاعتكاف يستوى فيه الناسي والعامد بالقياس على الاحرام ومعنى الفرق أنه متى اقترن بحاله ما يذكره لا يبتلى فيه بالنسيان عادة فيعذر لأجله ففي الاحرام هيئة المحرمين مذكرة له وفى الاعتكاف كونه في المسجد مذكرا له فأما في الصوم لم يقترن بحاله ما يذكره لأنه غير ممنوع عن التصرف في الطعام في حالة الصوم ألا ترى أن في الأكل في الصلاة سوى بين النسيان والعمد لأنه ليس من جنس أركان الصلاة (قال) وإذا أغمي على المعتكف أياما أو أصابه لمم فعليه إذا برء أن يستقبل الاعتكاف لان ما هو شرط الأداء وهو الصوم قد انعدم بتطاول الاغماء فعليه الاستقبال فان صار معتوها ثم أفاق بعد سنين ففي القياس ليس عليه قضاء الاعتكاف كما لا يلزمه قضاء الفرائض لسقوط الخطاب عنه بالعته وفي الاستحسان عليه القضاء لان سبب الالتزام تقرر قبل العته فكان بمنزلة الفرائض التي لزمته بتقرر السبب قبل العته وهذا لأنه بالعته لم يخرج من أن يكون أهلا للعبادة فإنه أهل لثوابها فبقيت ذمته صالحة للوجوب فيها فيما تقرر سببه (قال) ويلبس المعتكف وينام ويأكل ويدهن ويتطيب بما شاء فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك كله في اعتكافه (قال) ولا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال فان حرمة هذه الأشياء ليس لأجل الاعتكاف الا ترى أنه كان محرما قبل الاعتكاف ولا يفوت به ركن الاعتكاف وهو اللبث ولا شرطه وهو الصوم وكذلك أن سكر ليلا لما بينا ان حرمة السكر ليست لأجل الاعتكاف فلا يكون مؤثرا فيه (قال) وصعود المعتكف على المئذنة لا يفسد اعتكافه اما إذا كان باب المئذنة في المسجد فهو والصعود على سطح المسجد سواء وإن كان بابها خارج المسجد فكذلك من أصحابنا من يقول هذا قولهما فاما عند أبي حنيفة رضي الله عنه فينبني ان يفسد اعتكافه للخروج من المسجد من غير ضرورة والأصح انه قولهم جميعا واستحسن أبو حنيفة هذا لأنه من جملة حاجته فان مسجده إنما كان معتكفا لإقامة الصلاة فيه بالجماعة وذلك أنما يتأتى بالأذان وهو بهذا الخروج غير معرض عن تعظيم البقعة أصلا بل هو ساع فيما يزيد في تعظيم البقعة فلهذا لا يفسد اعتكافه (قال) ولا بأس بان يخرج رأسه من المسجد إلى بعض أهله ليغسله لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه كان يخرج رأسه إلى عائشة فكانت تغسله وترجله ولأنه باخراج رأسه لا يصير خارجا من المسجد فان من حلف
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست