المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٥١
كملك الأرض على معنى ان العشر لا يجب فيه وإنما يجب في الخارج منه فكما لا يجوز تعجيل العشر باعتبار ملك الأرض قبل الزراعة فكذلك لا يجوز تعجيل عشر النخل قبل أن يخرج الطلع بخلاف ما إذا عجل عشر الزرع قبل أن ينعقد الحب لان القصيل محل لوجوب العشر فيه بدليل انه لو قصله كما هو يلزمه أداء العشر منه فلهذا جاز التعجيل باعتباره وأما النخل ليس بمحل للعشر فإنه لو قطعه كان حطبا لا شئ فيه فلا يجوز فيه تعجيل العشر باعتباره وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول لم يبق بينه وبين وجوب العشر الا مجرد مضى الزمان فيجوز التعجيل كما يجوز التعجيل عن الزرع قبل أن ينعقد الحب وعن النصاب قبل أن يحول الحول (قال) ولو كان في الأرض الخراجية أرض نخل أو مشجرة فلا خراج فيها لكن يوضع عليها بقدر ما تطيق ومعنى هذا انه ليس فيها خراج الكرم ولا خراج الرطبة ولا خراج الزرع لأنها ليست بمنزلة هذه الأراضي في الانتفاع ولكن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فيما وظف من الخراج اعتبر الطاقة حيث قال للذين مسحا الأراضي لعلكما حملتما الأراضي مالا تطيق فقالا بل حملناها ما تطيق فعرفنا أن المعتبر هو الطاقة ففي المشجرة وأرض النخل تعتبر الطاقة أيضا وذلك أن ينظر إلى غلته فإن كانت مثل غلة الرطبة فخراجها مثل خراج ارض الرطبة وان كانت مثل غلة الكرم فخراجها كذلك (قال) فان عجل خراج أرضه ثم غرقت تلك السنة كلها فإنه يرد عليه ما أدى من خراجها لأنه لم يكن متمكنا من الانتفاع بها فلا يلزمه خراجها ويد الامام في الخراج المعجل نائبة عن يد صاحب الأرض وقد بينا نظير هذا في زكاة السائمة إذا عجلها فدفعها إلى الساعي ثم هلكت السائمة والمعجل قائم في يد الساعي فإنه يرد عليه فكذلك في الخراج (قال) فان زرعها في السنة الثانية فإنه يحسب له ما أدى من خراجها في هذه السنة إن لم يرد عليه لان يده نائبة في ذلك المال كيده ولا فائدة في الرد عليه ثم الاستيفاء منه. فان قيل أليس انكم قلتم في الزكاة إذا عجلها ولم تجب عليه الزكاة في ذلك الحول فان المعجل لا يجزئ عما يلزمه في حول آخر. قلنا ذلك فيما إذا دفعها إلى الفقير فتتم الصدقة تطوعا عند مضى الحول وهنا لا يتم المؤدى خراجا في الحول الأول ولكن له حق الاسترداد فيحسب ذلك له من خراجه في الحول الثاني (قال) فان أجر أرضه سنين فغرقت سنة فلم يفسخ القاضي الإجارة فلا أجر عليه حتى ينضب الماء عنها ولا خراج على ربها في السنة التي غرقت فيها لان وجوب كل واحد منهما باعتبار
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست