وأخبر أن بعض الظن إثم، والظن فهو الشك، وإذا كان الظن والشك مذمومين فالحق واليقين ممدوحان لأن الشك واليقين ضدان لم يزالا متاضدين وفي ذلك ما يقول الرحمن فيما نزل من النور والبرهان: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (26) ولو كان حكم الظن والشك واليقين والحق سواء في المعنى لما اختلفا في شئ من الأشياء ولو لم يختلفا لكان أحدهما مغنيا فيما أغنى عنه صاحبه ولكان ذلك كذلك لكان ذلك خلافا لقول الله لأنه يقول: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (27) فلما اختلف فعل الحق والظن اختلف حكم الشك واليقين، عند جميع العالمين فلذلك قلنا إن الواجب على من داخله من الشك شئ أن ينفيه ويطرحه ويبعده عن نفسه ولا يعمل به في شئ من أمره، واطراح الشك والمضي عنه، وترك العمل به أحوط وأسلم، لمن ابتلي بوساوسه وأمكن الشيطان من قلبه ونفسه، وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ان الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسهما وهمت به ما لم تعمل به أو تكلم به).
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: معنى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو تكلم به يريد الشئ الذي يتكلم به في جميع الكلام.
حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن رجل كثير الشك والامتراء في الصلاة وغيرها من الأشياء فهو يظن أنه قد حلف ويظن أنه لم يحلف، ويظن أنه لم يصل بعض صلاته وإن كان قد صلى ويظن أنه قد قال فأكثر، وان لم يكن قال قولا، فقال: هذه كلها شكوك وظنون لا يحكم