المسائل السروية - الشيخ المفيد - الصفحة ١٩
عليه، ويصحح المنكر الباطل إن وافق هواه! وهذا منحى خطير لا تخفى خطورته.
ومنهم من ذهب إلى أبعد من هذا، فأخذ يتصرف في النصوص، فيضيف إليها من تأويله ما يغير في مفادها، أو ربما حذف منها ما لا يروق له نشره!
ولو أحسنا الظن وقلنا إنه اعتمد نسخة ناقصة، فإنه يبقى عليه ما لا يغفر له إهماله، وهو أن يشير إلى مواضع النقص في نسخته.
هذا، بينما تجد صنفا آخر قد ذهب على العكس من سابقيه، فهو يجاري المصنف في كل آرائه، يخرج نصوصه ويسند أقواله وهو يظن أنه بهذا إنما يبرز قوة الكاتب والكتاب، معتقدا أن وظيفته تكمن في هذه الخصلة!
وبين يدي نماذج كثيرة من كل ما ذكرته إلا أن ذكرها لا يخلو من تجريح بأصحابها، وليس التجريح غايتنا، وإنما تصوب المسار ما أمكن ذلك.
ونحن إذ اعتمدنا المنهج الثاني في التحقيق فقد التزمنا أصوله، ولم نتعد حدوده، ولم نصرع لنزعة الانحياز إلى الكاتب والكتاب أو عليهما، بل مارسنا عملا تحقيقيا علميا بحتا، راجين من ورائه ما عند الله تعالى، فكان عملنا في هذا الكتاب وفق الفقرات التالية:
1 - مقابلة النسخ الخمس مع بعضها، واعتماد اللفظ الأصوب والأنسب من بينها، مع الإشارة إلى مواضع الاختلاف المهمة أو ذات الوجه المحتمل وإن بعد، تاركا ما سوى ذلك من تصحيفات ظاهرة وأخطاء لغوية وإملائية.
2 - مقابلة النصوص التي اعتمدها المؤلف مع مصادرها، وتثبيت الاختلافات في الهامش.
3 - شرح موجز للمفردات المبهمة.
4 - ترجمة موجزة وافية للأعلام والمدن الواردة في المتن، تاركا المشهور منها.
5 - تخريج الآيات القرآنية وضبطها، وتمييزها بقوسين مزهرين.
6 - تخريج الأحاديث الشريفة من مصادرها، وخصوصا المصادر المتقدمة على عصر المؤلف، كما ذكرنا بعض المصادر المتأخرة عنه كشواهد في مواضع
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»