فقه للمغتربين - السيد السيستاني - الصفحة ٢٧
تربية حب العمل والجد فيهم وغير ذلك، مما يعينهم على فهم أفضل للاسلام وسلوك أفضل وفق قيمه ومبادئه في هذه الحياة.
أوقفت عند هذه النقطة انسيابية التأمل، ونظرت إلى السماء، فأدهشتني تشكيلات من سحب بيضاء راحت تتجمع من هنا وهناك كأنها قطن مندوف يوضع بعناية على أرضية من مخمل زرقاء.
استهواني المنظر فاستغرقت فيه حتى امتليت.
كانت قطعان السحب المبثوثة تتجمع شيئا فشيئا متآلفة أو متعانقة أو متحدة، متخلية عن خصوصياتها الذاتية، مشرعة نوافذها للآخر، مستجيبة له، ذائبة فيه أو فانية.
عاودني الخاطر المؤرق مرة أخرى فسألت نفسي:
كيف يجب علي أن أسلك في بلاد الغربة فأحتفظ بخصوصياتي الذاتية دون أن أفنى في ثقافة الآخرين أو أذوب، ودون أن أنغلق على نفسي فأتقوقع؟ ثم سألتها: ترى كيف سيحكم علي الآخرون ممن سوف أعيش بين ظهرانيهم؟
لقد عودتني مدينتي المكتظة بالزائرين والسياح على مدار العام أن أحكم على سلوك شعب من خلال سلوك أبنائه، أو دين من خلال تصرفات معتنقيه، فإذا أحسن المعاملة زائر من بلد ما، قلت: إن سكان ذلك البلد طيبون، وإذا أساء التصرف سائح ما، قلت: إن سكان ذلك البلد سيئون وهكذا.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»