المقالة السادسة ستة أبواب، الباب الأول منها في المعدة، ان أول أفعال الطبيعة يكون في المعدة، والمعدة خادم الكبد والكبد خادم البدن كله، والفم خادم المعدة لأنه يطحن الغذاء ويورده على المعدة، وخلقة المعدة من عصب وعضل، وباطنها مضرس خشن وأولها رأس المري المتصل بالحلقوم، ومزاجها بارد يابس " وطولها (1) وطول الأمعاء " (2) وتأتيها من القلب و الكبد والمرارة حرارة بها تقوي على نضج الطعام، وفيها سلطان الصفرا، وهي مثل قدر تحتها نار تطبخ ما فيها من الحب و تهرئه، فإذا نضج فيها الطعام صار مثل ماء الكشك، ثم يجري ذلك إلى المعاء الصائم، ومن المعاء الصائم إلى الكبد في مجاري ضيقة خفية، ثم تغير الكبد ذلك الماء الذي يسمى كيلوس إلى الدم و تأخذ الكبد منه غذاءها وترسل صفوه ولبابه إلى القلب، وترسل سوى ذلك إلى الأعضاء، فيغيره كل عضو إلى طبيعته وهيئته، ويجري كل شئ منه إلى موضعه المهيأ له، ويكون النضج أولا في المعدة ثم في الكبد ثم في القلب و " بعده " في سائر الأعضاء، فاما المري فإنه نظيف له لباس ذو عضل وبه تكون إساغة الطعام، وقد تصيب المعدة الأجناس الثلثة من الأمراض التي قد بينا، وهي تشارك الدماغ في الوجع ولذلك صارت المعدة أجود حسا من الكبد والقلب وغيرهما فربما حدث من مرضها " السكات " (3) وذهاب العقل لأنها معلقة من الدماغ بعصب كبار، وذكر جالينوس انه رأى رجلا إذا خلا بطنه صرع وانه ذلك كان
(٢٠٨)