إلى من لا يستخف حليمها تفاقم الخطوب، ولا تغير طبيعتها في المكارم مقاساة الكروب، الأعز الأمجد، سلالة الشرف الواضح (محمد) قطب دائرة الفخر والكمال، ومحط الوفود وبحر النوال، ومن هدرت يداه دم الأموال لحقن دم المكارم، وعجز عن احصاء فضله كل ناثر وناظم، وحيد دهره وفريد عصره، طالب العز من مستقره، المستضاء برأيهما في سواد الخطوب، والمستجار بظلهما في كل نائبة تنوب، ومن أساء إليهما الزمان بفقدان انسان عين الفخر، محمد علي القدر، وجوهرة الدهر، وفريد العصر، وواسطة عقد الفخر، ومن ليس له في الفضل مثل ولا ند، وكان من أهل زمانه بمنزلة الواسطة من العقد، ومن طلبت وصفه عقول ذوي النهي، وجاوزت في طلبها الجوزاء والسهى، فلم تقف له على غاية ومنتهى، وحين رجعت منه صفر الكف، وقد بعد شأوه بدورها في الخسف، وشموسها بالكسف، طائشة حيرى، راهبة ذعرا، تنشد شعرا:
طلبت وصفه العقول ولكن * لم يكن ممكنا إليه الوصول وتعدت غاياتها ثم طاشت * حيث لم تدر فيه ماذا تقول وأقرت هناك بالعجز عنه * وتساوى عليمها والجهول فيا له من رز يقل الحزن بجنبه، ولو أن كل منا كان فيه انقضاء نحبه، ولو أفضنا له النفوس من المآقي بدل الدموع لقلت، ولو وزنت به رواسي الجبال لخفت:
الان هون كل نازلة * جلل أمال دعائم الفخر (892)