خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٣٣٢
وكذا قال ابن عصفور في كتاب الضرائر وبعد أن أورد هذه الأبيات وغيرها قال: وما ذكرته من أن استعمال الفعل الواقع في موضع خبر عسى بغير أن ضرورة هو مذهب الفارسي وجمهور البصريين.
وظاهر كلام سيبويه يعطي أنه جائز في الكلام لأنه قال: واعلم أن من العرب من يقولك عسى يفعل تشبيها بكاد. فأطلق القول ولم يقيد ذلك بالشعر. إلا أنه ينبغي أن لا يحمل كلامه على عمومه لما ذكره أبو علي من أنها لا تكاد تجيء بغير أن إلا في ضرورة.
وأيضا فإن القياس يقتضي أن لا يجوز ذلك إلا في الشعر ولأن استعمالها بغير أن إنما هو بالحمل على كاد لشبهها بها من حيث جمعتهما المقاربة.
وكاد محمولة في استعمالها بغير أن على الأفعال التي هي للأخذ في الشروع من جهة أنها لمقاربة) ذات الفعل فقربت لذلك من الأفعال التي هي للأخذ في الفعل وليست عسى كذلك لأن فيها تراخيا.
ألا ترى أنك تقول: عسى زيد أن يحج العام وإنما عدت في أفعال المقاربة مع ما فيها من التراخي من جهة أنها تدخل على الفعل المرجو والفعل المرجو قريب بالنظر إلى ما ليس بمرجو. فلما كانت محمولة في استعمالها بغير أن على ما هو محمول على غيره ضعف الحمل فلم تجيء إلا في الضرورة. انتهى.
والبيت من قصيدة لهدبة بن خشرم قالها في الحبس وهي:
* طربت وأنت أحيانا طروب * وكيف وقد تعلاك المشيب * * يجد النأي ذكرك في فؤادي * إذا ذهلت على النأي القلوب * * يؤرقني اكتئاب أبي نمير * فقلبي من كآبته كئيب *
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»