ومن وقوع عسى فعلا خبريا قوله تعالى: قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ألا ترى أن الاستفهام طلب فلا يدخل على الجملة الإنشائية وأن المعنى قد طمعتم أن لا تقاتلوا إن كتب عليكم القتال.
ومما يحتاج إلى النظر قول القائل: عسى زيد أن يقوم فإنك قد قدرت عسى فيه فعلا إنشائيا كما قاله النحويون أشكل إذ لا يسند فعل الإنشاء إلا إلى منشئه وهو المتكلم كبعت واشتريت وأقسمت وقبلت وحررتك. وأيضا فمن المعلوم أن زيدا لم يترج وإنما المترجي المتكلم.
وإن قدرته خبرا كما في البيت والآية فليس المعنى على الإخبار ولهذا لا يصح تصديق قائله ولا تكذيبه.
فإن قلت: يخلص من هذا الإشكال أنهم نصوا على أن كان وما أشبهها أفعال جارية مجرى الأدوات فلا يلزم فيها حكم سائر الأفعال.
قلت: قد اعترفوا مع ذلك بأنها مسندة إذ لا ينفك الفعل المركب عن الإسناد إلا إن كان زائدا أو مؤكدا على خلف في هذين أيضا. وقالوا: إن كان مسندة إلى مضمون الجملة.
وقد بينا أن الفعل الإنشائي لا يمكن إسناده لغير المتكلم. وإنما الذي يخلص من الإشكال أن يدعى أنها هنا حرف بمنزلة لعل كما قال سيبويه والسيرافي بحرفيتها في نحو: عسى وعساك وعساه.
وقد ذهب أبو كبر وجماعة إلى أنها حرف دائما. وإذا حملناها على الحرفية زال الإشكال إذ الجملة الإنشائية حينئذ اسمية لا فعلية كما تقول: لعل زيدا يقوم. فاعرف الحق ودع التقليد واستفت نفسك وإن أفناك الناس.
هذا كلام ابن هشام وهو خلاف مسلك الشارح المحقق.) وقال ابن هشام في شرح المثل: إن عسى للإشفاق والغوير: ماء لكلب