خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٨
انتهى.
وهذا مبني على تفسير الضرورة بما لا مندوحة للشاعر عنه. وهذا فاسد من وجوه تقدم بيانها في شرح أول شاهد. وعند الجمهور هو من الضرورة ومعناها ما وقع في الشعر سواء كان عنه مندوحة أو لا.
قال اللخمي: جعل موقفا وهو نكرة اسم يك والوداع وهو معرفة الخبر ضرورة لإقامة الوزن. وحسن الضرورة فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن النكرة قد قربت من المعرفة بالصفة.
والثاني: أن المصدر جنس فمفاد نكرته ومعرفته واحد.
والثالث: أن الخبر هو المبتدأ في المعنى.
وقال صاحب اللباب: وهما أي: المرفوع والمنصوب بكان على شرائطهما في باب الابتداء.
وزعم بعض المنتمين إلى هذه الصنعة أن بناء الكلام على بعضهما من غير تقدير دخول على المبتدأ والخبر سائغ بدليل قوله: ولا يك موقف منك الوداعا وليس بمحمول على الضرورة إذ لا يتم المعنى المقصود إلا هكذا إذ لو عرفهما لم يؤد أنه لم يرخص أن يكون ما سوى ذلك من المواقف وداعا. ولو نكرهما لم يؤد أن الوداع قد كره إليه حتى صار نصب عينيه. ولو عرف الأول ونكر الثاني لجمع بين الهجنتين.
والجواب بعد تسليم جميع ما ذكره أنه لو أراد إيراد هذا المعنى بطريق النفي دون النهي لا بد أن يقول: ما موقف منك الوداع بعين ما ذكره. على أن المقصود أن لا يكون الوداع موقفا منها يكون مزاجها عسل وماء
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»