فقال: ما هذه الوجبة قال: لا أدري. قال: والله صوت سمعته في عرض الإبل.
فقام فعس وطاف فلم ير شيئا فعاد فنام فلما ظن أنه استثقل أخذ حصية صغيرة فحذف بها فقام كقيامه الأول فقال: ما هذا الذي أسمع قال: والله ما أدري قد سمعت كما سمعت وما أدري ما هو ولعل بعض الإبل تحرك. فقام وطاف وعس فلم ير شيئا فعاد فنام فأخذ حصية أصغر من تلك فرمى بها فوثب كما وثب أولا فطاف وعس فلم ير شيئا ورجع إليه فقال: يا هذا إني قد أنكرت أمرك والله لئن عدت أسمع شيئا من هذا لأقتلنك قال أبو كبير: فبت والله أحرسه خوفا أن يتحرك شيء من الإبل فيقتلني. قال: فلما رجعا إلى حيهما قال أبو كبير: إن أم هذا الغلام لامرأة لا أقربها أبدا. وقال هذه الأبيات. انتهى.
وزعم بعض الرواة أن هذه القصيدة لتأبط شرا قالها في ابن الزرقاء.
قال ابن قتيبة في كتاب الشعراء: وبعض الرواة ينحل هذا الشعر تأبط شرا ويذكر أنه كان يتبع امرأة من فهم وكان ابن لها من هذيل وكان يدخل عليها تأبط فلما قارب الغلام الحلم قال فلما رجع تأبط أخبرته وقالت: هذا الغلام مفرق بيني وبينك فاقتله قال: سأفعل ذلك.) فمر به وهو يلعب مع الصبيان فقال له: هلم أهب لك نبلا. فمضى معه فتذمم من قتله ووهب له نبلا فلما رجع تأبط إلى أم الغلام أخبرها فقالت: إنه والله شيطان من الشياطين والله ما رأيته مستثقلا نوما قط ولا ممتلئا ضحكا قط ولا هم بشيء منذ كان صغيرا إلا فعله.