خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٤٤١
قال سيبويه في باب استعمالهم علامة الإضمار الذي لا يوقع موقع ما يضمر في الفعل قال: وكذلك ها أنا ذا وها نحن أولاء وها هو ذاك وها أنت ذا وها أنتم أولاء وها أنتن أولاء وإنما استعملت هذه الحروف هنا لأنك لا تقدر على شيء من الحروف التي تكون علامة في الفعل ولا على الإضمار الذي في فعل.
وزعم الخليل أن ها هنا هي التي مع ذا إذا قلت هذا وإنما أرادوا أن يقولوا: هذا أنت ولكنهم جعلوا أنت بين ها وذا وأرادوا أن يقولوا: أنا هذا وهذا أنا فقدموا ها وصارت أنا بينهما.
وزعم أبو الخطاب أن العرب الموثوق بهم تقول: أنا هذا وهذا أنا. ومثل ما قال الخليل في هذا قول الشاعر:) ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا................. البيت كأنه أراد أن يقول: وهذا لي فصير الواو بين ها وذا. وزعم أن مثل ذلك: إي ها الله ذا أي: إنما هو هذا. وقد تكون ها في ها أنت ذا غير مقدمة ولكنها تكون بمنزلتها في هذا.
ويدلك على هذا قوله عز وجل: ها أنتم هؤلاء فلو كانت ها هنا هي التي تكون أولا إذا قلت هؤلاء لم تعد ها ها هنا بعد أنتم.
وحدثنا يونس أيضا تصديقا لقول أبي الخطاب أن العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا. لم يرد بقوله هذا أنت أن يعرفه نفسه كأنه يريد أن يعلمه أنه ليس غيره. هذا محال ولكنه أراد أن ينبهه كأنه قال: الحاضر عندنا أنت إذ الحاضر القائل كذا وكذا أنت.
وإن شئت لم تقدم ها في هذا الباب قال عز وجل: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم.
هذا نص سيبويه ونقلناه بطوله لكثرة فوائده.
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»