خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٤١٩
ومن أول القصيدة لم يمر له بيت رائع وكلام رائق.
وقوله: فظل العذارى الخ يرتمين: يناول بعضهن بعضا. والهداب بالضم والتشديد هو الهدب وهو طرف الثوب الذي لم يتم نسجه. والمقس: الحرير الأبيض ويقال له القز.
قال الإمام الباقلاني: هذا البيت يعدونه حسنا ويعدون التشبيه مليحا واقعا. وفيه شيء: وذلك أنه عرف اللحم ونكر الشحم فلا يعلم أنه وصف شحمها وذكر تشبيه أحدهما بشيء واقع وعجز عن تشبيه القسمة الأولى فمرت مرسلة وهذا نقص في الصنعة وعجز عن إعطاء الكلام حقه. وفيه شيء آخر من جهة المعنى: وهو أنه وصف طعامه لضيوفه بالجودة وهذا قد يعاب وقد يقال: إن العرب تفتخر بذلك ولا تراه عيبا وإنما الفرس هم الذين يرون هذا عيبا شنيعا. وأما تشبيه الشحم بالدمقس فشئ يقع للعامة ويجري على ألسنتهم فليس بشيء قد سبق إليه. وإنما زاد المفتل للقافية وهذا مفيد.
ومع ذلك فلست أعلم العامة تذكر هذه الزيادة. وفيه شيء آخر: وهو أن تبجحه بما أطعم الأحباب مذموم وإن سوغ التبجح بما أطعم الأضياف إلا أن يورد الكلام مورد المجون على طرائق أبي نواس في المزاح والمداعبة.) وقوله: ويوم دخلت الخ هو معطوف على يوم عقرت. والخدر بالكسر: الهودج هنا. وخدر عنيزة بدل منه. وعنيزة بالتصغير: لقب ابنة عمه فاطمة. وفيه رد على من زعم أنه لم يسمع تلقيب الإناث. وأنشد ابن هشام هذا البيت في بحث النون من المغني على أن التنوين اللاحق لعنيزة تنوين الضرورة وهو التنوين اللاحق لما لا ينصرف.
وقوله: مرجلي: اسم فاعل من أرجلته إذا صيرته راجلا ورجل الرجل يرجل من باب علم: إذا صار راجلا. وقوله: لك الويلات فيه قولان:
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»