أقول ذلك بمناسبة التقديم للكتاب الذي بين يدي للشهيد السعيد والعالم الجليل والعبد الصالح الشيخ حسين معن، رحمه الله، فقد تناول في هذا الكتاب موضوعا شديد الحساسية، كبير الأهمية في حياتنا الاسلامية، وهو الاعداد الروحي والتربية الروحية، والبحث في هذا الموضوع يؤدي كثيرا بالباحثين إلى تصورات غير مكتملة، وناقصة تنزع نحو الرهبانية ومشاركة الدنيا، واعتزال الحياة الدنيا، والحياة الاجتماعية وابتغاء وجه الله تعالى في ذلك كله.. أي بعكس التصور الاسلامي الصحيح الوارد في الكتاب والسنة تماما.
وقد نشأ في ظل هذا التصور المنحرف للتنمية الروحية والتربية النفسية مذاهب منحرفة قامت على أساس بعد واحد فقط من أبعاد الاسلام الأصيلة، وتكون لهذا الانحراف تاريخ، وثقافة، ومؤسسات، وامتدادات، وعلماء، ومفكرون. وكل ذلك حصل نتيجة الفهم التجزيئي غير الكامل لأصول وآفاق هذا الدين.
ومن خلال قراءتي لهذا البحث رأيت أن المؤلف الشهيد رحمه الله يتناول هذا الموضوع الخطير من خلال الرؤية الاسلامية الأصيلة والمتكاملة وينظر إلى الاعداد الروحي من زاوية الحركة، والجهاد، والعمل، والدعوة إلى الله تعالى ويضع هذه المسألة موضعها الطبيعي من هذا الدين، وهو الجو الحركي والسياسي والجهادي، ويدرسه من خلال هذا الجو بالذات على عكس الاتجاهات الفكرية المنحرفة التي تحاول ان تعزل هذا الموضوع الحساس والخطير عن واقع الحياة، والأجواء الحركية، والسياسية، والجهادية.