الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٧
بمكرها وخداعها، لأن الآخرة لا تجتمع مع الدنيا الحرام.
(يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) (6).
أيها الناس احترسوا من العدوين الشرسين، الأول الدنيا فلا تقعوا بمكرها والآخر الشيطان، ان الدنيا الحرام والآخرة لا يجتمعان.
أحد أعمال البهلول أن عمودا كبيرا سقط في وسط الطريق فأمسكه من طرفه ورفعه فبقي الطرف الآخر على الأرض. فرفعه من طرفه الآخر فبقي هذا الطرف على الأرض، فأمسكه من الوسط فلم يتمكن من رفعه، فقيل له ماذا تفعل يا بهلول فأجاب هذه الدنيا والآخرة فإن أخذت طرف الدنيا بقيت الآخرة على الأرض، وإن أخذت طرف الآخرة بقيت الدنيا على الأرض، وعندما أردت حمل الاثنين معا فلم أستطع ذلك، يعني أن الدنيا الحرام الملوثة لا تجتمع مع الآخرة.
(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (7).
الدار الآخرة خاصة بمن لا يطلبون الرئاسة والعلو، خاصة بمن لا يعبدون الدنيا، ومن الواضح أن عبادة الدنيا تهدم دار آخرة الإنسان.
تنقل قضية لمرجع التقليد الكبير - المرحوم الشيخ محمد تقي الشيرازي - رضوان الله عليه - كان كثير التحقيق وفي مرتبة عالية من جهة العمل والتقوى وبناء النفس.
وعندما توفي المرحوم الميرزا الكبير (ره)، كان من المسلم ان المرجعية له، ولكن عندما أرادوا الصلاة على جنازة المرحوم الميرزا الكبير، لم يجدوا الشيخ الشيرازي، فبحثوا عنه هنا وهناك وأخيرا عثروا عليه في السرداب المطهر وقد تورمت عيناه المباركتين من كثرة البكاء، وتحدث بعد ذلك فقال: عندما وصلني خبر وفاة الميرزا الكبير قلت لنفسي:
(أصبحت رئيسا) وشعرت بارتياح لذلك، ففهمت أني لا أليق بالمرجعية، وفهمت أن هذه المرجعية لأجل الدنيا لذلك جئت لزيارة الإمام صاحب الزمان (عج) وأقسمت عليه بأمه الزهراء (ع) ان لا أكون مرجعا لأني لا أليق لذلك.
(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»