وجوارحنا تعترف وتشهد علينا.
ذلك الذي وقف يتعبد، فإن تلك الساق تشهد لصالحه يوم القيامة، إلهي لقد تعبت في الدنيا من استناده علي في عبادته ومناجاته في جوف الليل حيث كان يدعو ويصلي نافلة الليل.
وتلك اليد التي ساعدت الفقراء والضعفاء تقول يوم القيامة إلهي إنه بواسطتي ساعد الفقراء والضعفاء، وكذلك اللسان الذي يلهج بالذكر والاذن التي تستمع إلى القرآن والأذن التي تستمع إلى خطب المنبر تقر بذلك للإنسان يوم القيامة.
أما العين التي استمتعت بأفلام الفديو والأذن التي استمتعت العزف والغناء والموسيقى واللسان الذي انشغل بالغيبة ستشهد كلها على الإنسان يوم القيامة.
القدم التي تحركت نحو الذنب، اليد التي سرقت والعياذ بالله أو التي طففت في البيع، أو لطمت وجه أحد ما هذه اليد تشهد ضد الإنسان يوم القيامة.
وكما يشير القرآن فإن هذا الإنسان اللجوج والنابي أحيانا عندما تشهد عليه الأرض والزمان والملائكة ونبي الله والأئمة الطاهرون (ع) ينكر ذلك فإذا أنكر توقف لسانه عن الكلام.
(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) (10).
يعني أن هذا الإنسان الجاحد إذا أصر على اللجاجة يقفل لسانه ولكن أعضائه وجوارحه تشهد عليه.
يقول القرآن الكريم في موضع آخر:
(ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) (11).
يعني أيها الإنسان احترس عن نشر الشائعة ولا تظنن بالآخرين سوءا وانتبه لأقوالك وتحرك عن علم واتبع العلم وليس شيئا آخر، ثم القرآن بعد ذلك يلفت الانتباه إلى:
(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
ظاهرك وباطنك يشهد عليك يوم القيامة، من هذه الآية الشريفة نفهم أنه بالإضافة إلى شهادة اللحم والجلد والعظم وأعضاء الإنسان على الإنسان، فقلب الإنسان وروح الإنسان وماهية الإنسان تشهد عليه يوم القيامة.
هذا الموضوع له جهة بحث عرفانية دقيقة أيضا، لكنها ليست مورد بحثنا الحاضر.