لنظم الحياة وفق المنهج الديني، ومن طبيعة التاريخ أنه لا يعنى كثيرا بالأمر المألوف والمعتاد وما يجري وفق السير الطبيعي للحياة.
وفي الجانب السلبي من هذا القسم تقدمت أيضا شواهد مهمة، كان أبرزها قرار أبي بكر بمنع الفتيا بالسنة والاكتفاء بالقرآن، وقرار عمر بمنع رواية السنة وحبس الرواة لها.
من هنا رأينا أن الحديث في هذا القسم قد استوفي ضمنا في المبحث الأول، لنبسط القول بالقدر المناسب في القسم الثاني.
القسم الثاني: الاجتهاد في قبال النص.
وهذا أول أنواع الرأي الباطل، كما أحصاها ابن القيم (1)، وقال: وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد.
غير أن هذا النوع من الرأي قد ظهر في هذا العهد أيضا، ظهر تحت عنوان النظر إلى المصلحة كما يقدرها صاحب الرأي!
أي أن المجتهد هنا يرى أن المصلحة - مصلحة الدولة والأمة - هي الأصل، وأن نصوص الكتاب والسنة ما جاءت إلا لرعاية مصالح العباد، فعندما يرى أن النص القرآني أو الحديثي يضر بالمصلحة، وأن المصلحة بتعطيله واستبداله بما يوافقها، عندئذ يفتي بما يراه بديلا عن النص!
والمشكلة هنا تقع مرة في تشخيص المصلحة، ومرة في تقدير مدى موافقة أو مناقضة الحكم لها.