يشعر بقرب ظهورها، إذ استهل الحديث بقوله: يوشك ولم يقل: (يأتي على الناس زمان) كما في إخباره عن الغيب البعيد (1).
الفارقة الثالثة: منع تدوين الحديث.
قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيرا، فلما أصبح قال: أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها! فقلت: لم أحرقتها؟
قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذاك! (2).
لكن هذه الحيطة وهذه الدقة ينبغي أن لا تتجاوز أحاديث سمعها من بعض الصحابة يحدثون بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو صريح في قوله: فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدثني.
أما الأحاديث التي سمعها هو مباشرة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي في منجاة من ذلك، إلا أن يقال إنه لم يميز بين ما سمعه هو مباشرة، وما نقل له!
وهذا غير وارد، وحتى لو حصل مع بعضها فلا يمكن حصوله مع جميعها حتى لم يعد يعرف حديثا واحدا سمعه من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم!
فلماذا أوقع الإحراق على الجميع؟!