التي عندها بدأ الخلق، فعند هذه المقدمة نرى العلم الذي عليه حددت الحركة، وبعد النظر في المقدمة الأزلية نتدفق على المسيرة البشرية، لنبحث عن استقامة الفكر والحركة. وخلوصهما من شوائب الأوهام الحيوانية والإلقاءات الشيطانية.
1 - [حجة الفطرة] للإنسان مهمة. ومهمته عبادة الله تعالى. قال تعالى: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * (1) والمعنى: أي إنما خلقتهم لأمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم (2). وحقيقة العبادة نصب العبد نفسه في مقام الذلة والعبودية وتوجيه وجهه إلى مقام ربه (3). ولأن العبادة هي الغرض الأقصى من الخلقة. جهز الله تعالى الإنسان بالفطرة وجعل ينبوع دينه سبحانه فطرة الإنسان نفسه، وقضى تعالى بأن تكون الفطرة ضمن النسيج الإنساني لا تتبدل ولا تتغير أبدا، لتكون حجة بذاتها على الإنسان يوم القيامة، وينبوع الدين في الفطرة يشهد به قوله تعالى: * (وإذ أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا. أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * (4). قال المفسرون: اجتمعوا هناك جميعا وهم فرادى، فأراهم الله ذواتهم المتعلقة بربهم، وأشهدهم على أنفسهم * (ألست بربكم) *.
وهو خطاب حقيقي لهم وتكليم إلهي لهم. وهم يفهمون مما يشاهدون أن الله سبحانه يريد منهم الاعتراف وإعطاء الموثق * (قالوا بلى شهدنا) *.
وأعطوه الاقرار بالربوبية. فتمت له سبحانه الحجة عليهم يوم القيامة.
.