الكريم على عصمتهم عليهم السلام في قوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) * (1) وكما قطع الله تعالى عذر الناس بميثاق الفطرة قطعه أيضا بإرسال الرسل. فقال تعالى: * (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * (2) وفي الآية إشارة إلى عصمتهم عليهم السلام. لأن من المعلوم أن قطع الرسل عذر الناس ورفعهم لحاجتهم. إنما يصح إذا لم يتحقق في ناحيتهم ما لا يوافق إرادة الله ورضاه. من قول أو فعل وخطأ أو معصية. وإلا كان للناس أن يتمسكوا به. ويحتجوا على ربهم سبحانه.
. وبعد إقامة الحجة بواسطة الأنبياء والرسل. جاء الاختلاف في الدين من الذين أوتوه بغيا بينهم. والاختلاف في الدين يخالف الفطرة الإنسانية. ولقد أمر الله تعالى العلماء أن يبينوا الحق وينشروا علمهم بين الناس. وتوعد سبحانه الذين يكتمون ما أنزل الله. قال تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا) * (3).
قال في الميزان: أفاد أن كتمانهم إنما هو بعد البيان والتبيين للناس لا لهم فقط. وذلك أن التبيين لكل شخص. إنما يكون باتصال الخبر إلى بعض الناس من غير واسطة وإلى بعض آخرين بواسطتهم بتبليغ الحاضر الغائب والعالم الجاهل، فالعالم يعد من وسائط البلاغ وأدواته كاللسان والكلام، وكتمان العالم علمه هو كتمان للعلم عن الناس بعد أن بينه الله لهم، ولقد عد الله تعالى هذا سببا لاختلاف الناس