الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٣٨
تخدم الإنسان! لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، كما يزيد رمل البحر على الحبة التي يأخذها منه آخذ، يزيد تين الجنة في وجودته ومقداره على نوع التين الذي نأكله هنا، وقس عليه كل شئ آخر في الجنة، ولكن أقول لكم أيضا إنه كما أن الجبل من الذهب واللآلئ هو أثمن من ظل نملة، هكذا تكون مسرات الجنة أعظم قيمة من مسرات العظماء والملوك، التي كانت لهم حتى دينونة الله، حين ينقضي العالم "!
قال بطرس: " أيذهب جسدنا الذي لنا الآن إلى الجنة؟.. "، أجاب يسوع:
"... أنسيتم أيوب النبي وخليل الله كف يقول " أعلم أن إلهي حي، وأني سأقوم في اليوم الأخير بجسدي، وسأرى بعيني الله مخلصي "، ولكن صدقوني أن جسدنا هذا يتطهر على كيفية لا يكون له معها خاصة واحدة من خصائصه الحاضرة، لأنه سيتطهر من كل شهوة شريرة، وسيعيده الله إلى الحال التي كان عليها آدم قبل أن أخطأ! رجلان يخدمان سيدا واحدا في عمل واحد، أحدهما يقتصر على النظر في العمل وإصدار الأوامر، والثاني يقوم بكل ما يأمره به الأول، أقول أترون من العدل أن يخص السيد بالجزاء من ينظر ويأمر فقط، ويطرد من بيته من أنهك نفسه في العمل؟ لا البتة! فكيف يحتمل عدل الله هذا؟ إن نفس الإنسان وجسده وحسه تخدم الله، فالنفس تنظر وتأمر بالخدمة فقط، لأن النفس لما كانت لا تأكل خبزا فهي لا تصوم ولا تمشي ولا تشعر بالبرد أو الحر ولا تمرض ولا تقتل لأنها خالدة، وهي لا تكابد شيئا من الآلام الجسدية التي يكابدها الجسد بفعل العناصر، فأقول: هل من العدل إذا أن تذهب النفس وحدها إلى الجنة دون الجسد الذي أنهك نفسه بهذا المقدار في خدمة الله؟ " قال بطرس: " يا معلم! لما كان الجسد هو الذي حمل النفس على الخطيئة، فلا ينبغي أن يوضع في الجنة " أجاب يسوع: " كيف يخطئ الجسد بدون النفس، حقا إن هذا محال، فإذا نزعت رحمة الله من الجسد، قضيت على النفس بالجحيم!
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»