عاش إرميا طوال الأربعين سنة الأخيرة من حياة مملكة يهوذا، وشاهد وعانى من هجوم الجيش الكلداني على أورشليم ومملكة يهوذا، واستيلائه عليها، وسبي الشعب، ودمار الهيكل. كان قد أنذر وحذر الناس مما سيجري عليهم، وتوسل إليهم أن يرجعوا إلى الرب ويتخلوا عن آثامهم من غير جدوى. بل تعرض للمهانة والاحتقار والاضطهاد.
يشتمل هذا الكتاب أيضا على تفاصيل كثيرة لحياة إرميا مما يجعله أكثر أنبياء العهد القديم وضوحا.
لم يكن لدى إرميا، في خضم الأحداث الرهيبة التي ألمت بيهوذا سوى رسالة واحدة يذيعها على مسامع الشعب: توبوا وارجعوا إلى الله. دعاهم إلى التخلي عن الأوهام وإعطاء الله مكانته اللائقة به والتي هي من حقه، في حياة الأمة. لا شئ يمكنه أن ينقذ الشعب من مصيرهم، لا ثروتهم ولا جيوشهم، ولا رجال سياستهم، حتى ولا دينهم، إنما الله وحده هو القادر على إنقاذهم. إن دمار أورشليم يبقى تذكارا خالدا لكل العصور على مصير الأمة التي ترفض الله. ولكن كانت لدى إرميا رسالة أخرى هي رسالة الرجاء. فمع أن شعب يهوذا قد نبذ الله، فإن الله لم ينبذهم، وأنه لا بد أن يظهر قوته من أجل إنقاذهم من أسرهم.
الله يدعو إرميا 1 1 هذه نبوءة إرميا بن حلقيا أحد الكهنة المقيمين في عناثوث بأرض سبط بنيامين.
2 وقد أعلن الرب له هذه النبوءة في عهد يوشيا بن آمون ملك يهوذا، في السنة الثالثة عشرة من ملكه. 3 وذلك في أثناء حقبة حكم يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا وحتى نهاية الشهر الخامس من السنة الحادية عشرة من ولاية صدقيا بن يوشيا ملك يهوذا، الذي فيه تم سبي أهل أورشليم.