ثم عاد إلى النجف الأشرف وواصل نشاطه في التأليف، فكان من أولئك الندرة الأفذاذ الذين أوقفوا حياتهم وكرسوا أوقاتهم لخدمة الدين والحقيقة، فلم ير إلا وهو يجيب عن سؤال، أو يحرر رسالة يكشف فيها ما التبس على المرسل من شك، أو يكتب في أحد مؤلفاته.
وقد وقف قبال النصارى وإمام تيار الغرب الجارف، فمثل لهم سمو الإسلام على جميع الملل والأديان حتى أصبح له الشأن العظيم والمكانة المرموقة بين علماء النصارى وفضلائها.
كما تصدى للفرق المنحرفة الهدامة الأخرى - كالبابية والقاديانية وغيرها - فكتب في ردهم ودحض شبهاتهم عدة رسائل.
وقد كان من خلوص النية وإخلاص العمل بمكان حتى أنه كان لا يرضى أن يوضع اسمه على تآليفه عند طبعها، وكان يقول: (إني لا أقصد إلا الدفاع عن الحق، لا فرق عندي بين أن يكون باسمي أو اسم غيري).
ومع كل ذلك أصبح اسمه نارا على علم، وبلغت شهرته أقاصي البلاد، وذلك لما عالجه من المعضلات العلمية والمناقشات الدينية، حتى أن إعلام أوربا كانوا يفزعون إليه في المسائل العويصة، كما ترجمت بعض مؤلفاته إلى الإنكليزية للاستفادة من مضامينها الراقية.
كان يجيد اللغات العبرانية والفارسية والإنكليزية - بالإضافة إلى لغته العربية - ولذلك برع في الرد على أهل الكتاب ودحض أباطيلهم وكشف خفايا دسائسهم.