وكذلك قوله: {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون} (1): ذمهم مع أنهم يصلون؛ لأنهم سهوا عن حقوقها الواجبة من فعلها في الوقت وإتمام أفعالها المفروضة، كما ثبت في «صحيح مسلم» عن النبي [AHPH 1] (أنه قال: «تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» (2)؛ فجعل هذه صلاة المنافقين لكونه أخرها عن الوقت ونقرها.
وقد ثبت في «الصحيح» عن النبي (ص): أنه ذكر الأمراء بعده الذين يفعلون ما ينكر، وقالوا: يا رسول الله! أفلا نقاتلهم! قال: «لا، ما صلوا» (3)، وثبت عنه أنه قال: «سيكون أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؛ فصلوا الصلاة لوقتها، ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة» (4)؛ فنهى عن قتالهم إذا صلوا، وكان في ذلك دلالة على أنهم إذا لم يصلوا قوتلوا، وبين أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها، وذلك ترك المحافظة عليها لا تركها.
وإذا عرف الفرق بين الأمرين؛ فالنبي (ص) إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها لا من ترك، ونفس المحافظة يقتضي أنهم صلوا ولم يحافظوا عليها، ولا يتناول من لم يحافظ؛ فإنه لو تناول ذلك قتلوا كفارا مرتدين بلا ريب، ولا يتصور في العادة أن رجلا يكون مؤمنا بقلبه، مقرا بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزما لشريعة النبي (ص) وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمنا في الباطن! قط لا يكون إلا كافرا، ولو قال [AHPH 1]