مشروعية التعزير بالعقوبات المالية (التعزير بالعقوبات المالية مشروع في مواضع مخصوصة في مذهب مالك في المشهور عنه، ومذهب أحمد في مواضع بلا نزاع عنه، وفي مواضع فيها نزاع عنه، والشافعي في قول؛ وإن تنازعوا في تفصيل ذلك، كما دلت عليه سنة رسول الله (ص) في مثل إباحته سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده، ومثل أمره بكسر دنان الخمر وشق ظروفه، ومثل أمره عبد الله بن عمرو بحرق الثوبين المعصفرين؛ وقال له: أغسلهما؟ قال: «لا، بل أحرقهما» (1)، وأمره لهم يوم خيبر بكسر الأوعية التي فيها لحوم الحمر، ثم لما استأذنوه في الإراقة أذن؛ فإنه لما رأى القدور تفور بلحم الحمر أمر بكسرها وإراقة ما فيها؛ فقالوا: أفلا نريقها ونغسلها؟ فقال: «افعلوا» (2)؛ فدل ذلك على جواز الأمرين لأن العقوبة بذلك لم تكن واجبة.
ومثل هدمه لمسجد الضرار ومثل تحريق موسى للعجل المتخذ إلها، ومثل تضعيفه (ص) الغرم على من سرق من غير حرز، ومثل ما روى من إحراق متاع الغال، ومن حرمان القاتل سلبه لما اعتدى على الأمير.
ومثل أمر عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب بتحريق المكان الذي يباع فيه الخمر، ومثل أخذ شطر مال مانع الزكاة، ومثل تحريق عثمان بن عفان المصاحف المخالفة للإمام، وتحريق عمر بن الخطاب لكتب الأوائل، وأمره بتحريق قصر سعد بن أبي وقاص الذي بناه لما أراد أن يحتجب عن