المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٢٩١
الفرق بين السماع والاستماع ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا، ويسمون الرجال المغنين مخانيثا، وهذا مشهور في كلامهم.
ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله (ص)؟! وكان رسول الله (ص) معرضا بوجهه عنهما، مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط؛ فقال: «دعهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا أهل الإسلام» (1).
ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي (ص) وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان، والنبي (ص) أقر الجواري عليه معللا ذلك بأنه يوم عيد، والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد، كما جاء في الحديث: «ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة» (2)، وكان لعائشة لعب تلعب بهن ويجئن صواحباتها من صغار النسوة يلعبن معها، وليس في حديث الجاريتين أن النبي (ص) استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية؛ فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»