الكذب والمعاريض (الكذب على الشخص حرام كله، سواء كان الرجل مسلما أو كافرا، برا أو فاجرا؛ لكن الافتراء على المؤمن أشد؛ بل الكذب كله حرام.
ولكن تباح عند الحاجة الشرعية «المعاريض»، وقد تسمى كذبا؛ لأن الكلام يعني به المتكلم معنى، وذلك المعنى يريد أن يفهمه المخاطب، فإذا لم يكن على ما يعنيه فهو الكذب المحض، وإن كان على ما يعنيه ولكن ليس على ما يفهمه المخاطب؛ فهذه المعاريض، وهي كذب باعتبار الأفهام؛ وإن لم تكن كذبا باعتبار الغاية السائغة، ومنه قول النبي (ص): «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات كلهن في ذات الله: قوله لسارة: أختي، وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا}، وقوله: {إني سقيم}» (1)، وهذه الثلاثة معاريض.
وبها أحتج العلماء على جواز التعريض للمظلوم، وهو أن يعني بكلامه ما يحتمله اللفظ وإن لم يفهمه المخاطب، ولهذا قال من قال من العلماء: إن ما رخص فيه رسول (ص) إنما هو من هذا، كما في حديث أم كلثوم بنت عقبة عن النبي (ص) أنه قال: «ليس الكاذب بالذي يصلح بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرا» (2)، ولم يرخص فيما يقول الناس أنه كذب؛ إلا في ثلاث: في الإصلاح بين الناس، وفي الحرب، وفي الرجل يحدث امرأته. قال: فهذا كله من المعاريض خاصة.
ولهذا نفى عنه النبي (ص) اسم الكذب باعتبار القصد والغاية، كما ثبت