المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٢٠٣
فالأول؛ كالواجب والمستحب، وكفرض العين وفرض الكفاية، مثل تقديم قضاء الدين المطالب به على صدقة التطوع.
والثاني؛ كتقديم نفقة الأهل على نفقة الجهاد الذي لم يتعين وتقديم نفقة الوالدين عليه، كما في الحديث الصحيح: أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة على مواقيتها». قلت: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال: «ثم الجهاد في سبيل الله» (1).
وتقديم الجهاد على الحج كما في الكتاب والسنة متعين على متعين ومستحب على مستحب، وتقديم قراءة القرآن على الذكر إذا استويا في عمل القلب واللسان وتقديم الصلاة عليهما إذا شاركتهما في عمل القلب، وإلا؛ فقد يترجح الذكر بالفهم والوجل على القراءة التي لا تجاوز الحناجر، وهذا باب واسع.
والثالث؛ كتقديم المرأة المهاجرة لسفر الهجرة بلا محرم على بقائها بدار الحرب، كما فعلت أم كلثوم التي أنزل الله فيها آية الامتحان: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} (2)، وكتقديم قتل النفس على الكفر؛ كما قال تعالى: {والفتنة أكبر من القتل} (3)؛ فتقتل النفوس التي تحصل بها الفتنة عن الأيمان لأن ضرر الكفر أعظم من ضرر قتل النفس، وكتقديم قطع السارق ورجم الزاني وجلد الشارب على مضرة السرقة والزنا والشرب، وكذلك سائر العقوبات المأمور بها، فإنما أمر بها مع أنها في الأصل سيئة وفيها

(١) رواه البخاري في (الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، ٢٧٨٢)، ومسلم في (الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، ٨٥)؛ من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٢) الممتحنة: ١٠.
(٣) البقرة: ٢١٧.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»